عام جديد 2023- هل تتغير القلوب وتتحقق العدالة ويعم السلام؟

غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم

بعد ثلاثة أيام نَطوي العام 2022 الثقيل بالأحداث والمآسي: الحرب المستعرة في أوكرانيا وتبعاتها على الاقتصاد العالمي، وصراعات في العديد من المناطق ومنها العراق حيث تهيمن حالة من عدم الاستقرار والهشاشة بسبب النزاعات التي تهجّر الناس، وجشع المتنفذين الذين ينهبون المال العام ويعبثون بالاقتصاد الوطني ويفقرون الناس، وكأن المال العام لا صاحب له، في حين أن أصحابه هم كل المواطنين. وفوق كل هذا، الفكر المتشدد التكفيري الذي يبث الكراهية ويلغي الآخر، ويهدد الاستقرار ويهجّر المواطنين الأبرياء. كل هذه الممارسات مغلوطة بنحو فاضح لأنها تتقاطع مع الأخلاق الإنسانية والدينية.

وسنستقبل قريبًا العام الجديد 2023 وهو بحد ذاته سبب للأمل. 

الزمن فسحة كبيرة اُعطي لنا لكي نتواضع ونتعلم، وننضج ونتغيّر، ونقوّي أواصر الاُخوّة والمحبة والتعاضد، فنسير معًا نحو السنة الجديدة تاركين وراءنا تداعيات السنة الماضية بما حملت من تعاسات.

 الأول من كل عام مخصص عالميًا لنشر السلام في كافة أنحاء العالم والتخلص من الخلافات والنزاعات والعداوات والعنف، هذه العقبات التي تقف في وجه تحقيق السلام والرفاهية للناس. 

 السلام عندنا هو قبل كل شيء تحيّة: السلام عليكم. ويضيف إخوتنا المسلمون عبارة جميلة جدًا: ورحمة الله وبركاته. مضمون هذه التحية المتداولة عميق، يعبّر عن الفرح والسعادة بلقاء الآخر. هذه التحية نحتاج ان نقولها وأن نسمعها بدفء أكثر، خصوصاً عندما تكون صادقة ونابعة من الوجدان. تحية ينبغي ان نعيشها حقاً.

السلام اُمنية كلِّ إنسان لان لا حياة حرة وكريمة من دونه

على الصعيد المسيحي بشرى عيد الميلاد الذي احتفلنا به قبل اسبوع كانت “السلام على الأرض” هذه الأرض غير المستقرة. والمسيح قال في الخطبة على الجبل: “طوبى لصانعي السلام، فإنهم أبناء الله يُدعَون” (متى 5/ 9).

وفي القرآن نجد عدة آيات عن السلام: “سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ” (يس 58). وإن أحد أسماء الله الحسنى هو السلام… اساسا كلمة "الاسلام" تعود الى جذر كلمة سلم – سلامًا، اي ان يسلم المسلم ذاته تسليمًا للّه. هكذا يُنتظر ان تكون روحانية المسلم! 

في مطلع السنة الجديدة هذه يجدر بالجميع المصالحة مع الذات ومع الله ومع الآخرين، والعمل على توعية الناس وتربيتهم على ثقافة السلام. السلام الداخلي في قلبنا عندما يُستأصل منه الحقد والكراهية، وتُنزع روح الانتقام، وتعزّز قيم السلام والاخوّة والاحترام في البيت والمدرسة والمجتمع.

الوضع كارثي والأوقات صعبة. لذا على السياسيين ان يهتموا بالسلام والمصالحة والعدالة. وهذه مسؤولية مدنية وشرعية وأخلاقية. وعلى رجال الدين نشر الأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية والوطنية والروحية التي تراجعت كثيراً، وإشاعة حفظ المال العام شرعاً، وتذنيب بث الكراهية وإلغاء الآخر…

هذا المقال نُشر على موقع البطريركيّة الكلدانيّة في بغداد، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

الكنائسُ الشرقيّة بحاجةٍ الى نسمةٍ من الهواءِ النقيّ

Next
Next

المسيحيون والأقليات في العراق ليس لهم نفس حقوق المسلمين