مقال لمدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو يسلّط الضوء على تعاليم قداسة البابا فرنسيس حول المسنّين والأجداد

لمناسبة الإحتفال باليوم العالميّ للأجداد، والّذي صادف هذه السنة في الرابع والعشرين من تمّوز/ يوليو، كتب مدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانيّة أندريا موندا مقالًا افتتاحيًّا سلّط فيه الضوء على تعاليم قداسة البابا فرنسيس المتعلّقة بالمسنّين، خصوصًا بالتزامن مع الإحتفال بعيد القدّيسة حنّة، والدة العذراء مريم، وأكّد أنّنا جميعًا نسير معًا كأخوة وأخوات، مع الأشخاص الأحياء، كما مع الأموات الّذين سبقونا، ومن سيتأتون من بعدنا، مشدّدًا على ضرورة أن نكتنز الإرث الّذي تركه لنا الأجداد.

سلّط السيّد موندا الضوء على أهميّة العودة إلى الجذور وإلى الينابيع، ليس فقط بدافع الحنين إلى الماضي، لكن أيضًا كي نتمكّن من السير إلى الأمام، ومن مواجهة تحدّيات الحياة. وذكّر بأنّ قداسة البابا فرنسيس وخلال زيارته الرسوليّة إلى كندا تحدّث عن أهميّة العلاقة السليمة مع الماضي ومع التاريخ. وتوقف عند الاحتفال بالقداس الإلهي في إستاد الكومونويلث في إدمونتون، لمناسبة الاحتفال بعيد القديسَين يواكيم وحنة، والدَي العذراء مريم، عندما تحدث البابا عن الأجداد، وذكّر بأننا أبناء تاريخ علينا أن نحافظ عليه، ولسنا أفراداً معزولين عن بعضنا البعض، لسنا كالجزر، ولا أحد يأتي إلى هذا العالم بمعزل عن الآخرين. وشدد فرنسيس على أن جذورنا والحبّ الذي وجدناه عندما جئنا إلى هذا العالم، والبيئات العائلية التي وُلدنا وترعرعنا فيها كلها جزء من تاريخ فريد، سبقنا وأنجبَنا. وقال إننا لم نختر هذا التاريخ، لقد نلناه كهبة، ونحن مدعوون إلى الحفاظ عليه.

بعدها ذكّر السيد موندا بأن الحبر الأعظم يقول لنا إننا أبناء هذا التاريخ الذي ينبغي الحفاظ عليه، مشيرا إلى أن أجدادنا والمسنين حلموا بعالم أكثر عدلًا وأخوة وتضامنًا، وناضلوا من أجل هذا العالم الذي تركوه لنا. واليوم يتعين علينا ألا نخيّب آمالهم، ولا بد أن نستند إليهم، لأنهم جذورنا، كي نتمكن من إعطاء الثمار المرجوة، نحن الأغصان التي ينبغي أن تُزهر، وأن تترك بذوراً جديدة في التاريخ. وأوضح أن البابا فرنسيس شاء أن يقدم لنا هذه الصورة، صورة الجذور والأغصان، صورة الشجرة.

تابع مدير صحيفة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية مقاله متوقفا عند القداس الذي احتفل به البابا يوم الاثنين الفائت في كنيسة القلب الأقدس في إدمونتون، أمام مذبح بُني على جذع شجرة كبير، وتحدث عن المصالحة، قائلا إن الرب يسوع صالحنا مع بعضنا من على الصليب، من على خشبة الحياة، كما كان يحب أن يسميها المسيحيون القدامى. وتوجه بعدها إلى السكان الأصليين في كندا، مؤكدا أن لدى هؤلاء الكثير من العبر التي يمكن أن نتعلمها منهم، كتلك المتعلقة من الشجرة التي تنمو من الأرض، من الجذور، وتغذينا بثمارها. وجميل أن يكون جذع الشجرة موجوداً تحت المذبح حيث يصالحنا الرب يسوع بواسطة سر الإفخارستيا. وهو عمل محبة كونية، تجمع بين الأرض والسماء، وتعانق الخليقة كلها وتدخل إلى قلبها، كما جاء في الرسالة العامة "كن مسبحا". فالرب يسوع، من على الصليب، صالحنا وجمع بيننا، وعانق الجميع وكل شيء.

هذا ثم أوضح السيد موندا أن البابا عاد للحديث عن هذا الموضوع في اليوم الثالث لزيارته الرسولية إلى كندا، متوقفاً عند "حج التوبة" الذي يقوم به. تطرق إلى الأجداد ولفت إلى أن هؤلاء زرعوا في داخلنا شيئا لا يمكن أن يُمّحى أبدا، وفي الوقت نفسه سمحوا لنا أن نكون أشخاصا فريدين وأحرارا. فمن الأجداد تعلمنا أن الحب لا يتم بالإكراه، ولا يحرم الشخص الآخر من حريته الداخلية. وأشار موندا إلى أن الحبر الأعظم توجه بهذه الكلمات إلى أشخاص مجروحين، لأنهم تعرضوا لعملية إلغاء هويتهم الخاصة، ومن هذا الواقع علينا أن نتعلم درساً كأفراد وككنيسة، كما يقول البابا فرنسيس، ألا وهو عدم خنق ضمير الآخرين وعدم تكبيل حرية الشخص الموجود أمامنا.

هذا المقال نُشر على موقع فاتيكان نيوز، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

الباراكليسي: الصّلاة الإبتهاليّة لوالدة الإله

Next
Next

خاطرة عن ثقافة الاعتذار