الكنيسة القبطيّة في العهد القديم

مقال بقلم د. جرجس صالح، الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط

في إطار الإضاءة على رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر، تجدون مقالًا تحت عنوان "الكنيسة القبطيّة في العهد القديم"، بقلم د. جرجس صالح، الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، يشرح فيه من هم الأقباط، متحدّثًا عن ذكر مصر في الكتاب المقدّس، إضافةً إلى بعض النبوات الّتي وردت عن الكنيسة القبطيّة في العهد القديم. من هنا يقدّم د. صالح في مقاله نبذة تاريخيّة عن مسار العائلة المقدّسة ودخولها إلى أرض مصر.

تجدون في التالي المقال كاملًا.

الكنيسة القبطية فى العهد القديم

د. جرجس صالح، الأمين العام الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط

حينما نتكلم عن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية المجيدة، نفتخر بأن كنيستنا يتحقق فيها قول الكتاب أنها عروس المسيح التى إقتناها بدمه (أع 20 : 28 ) ، وأنها سفارة السماء على الأرض (2 كو 5 : 2) وهى عمود الحق وقاعدته (1 تى 3 : 15 ). (1)

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى حافظت على الإيمان القويم ودافع بطاركتها عن سلامة الايمان المستقيم كالقديس أثناسيوس الرسولى والقديس كيرلس عمود الدين، والقديس ديسقوروس، الذين حافظو على الايمان المسيحى السليم وأيضاً روحانية وأستقامة السلوك، لهذا يحسن بنا أن نبدأ بتعريف ماذا تعنى كلمة قبطية وهذا يقودنا إلى سؤال:

من هم الأقباط؟

هناك آراء كثيرة لهذه التسمية اللغوية. لعل أقرب هذه الآراء إلى الصحة هى ما يقوله بعض العلماء أن الكلمتين قبطى، ومصرى لهما نفس المعنى. وكلاهما يرجعان للكلمة اليونانية Aigyptos التى أطلقها الأغريق على مصر ونيلها ووردت عدة مرات فى شعر هوميروس. وهذه الكلمة خطأ صوتى للإسم المصرى القديم لمدينة ممفيس التى تسمى "ها كا بتاح " ( Hak – Ka – Ptah ) ومعناها "بيت أو معبد روح بتاح" ( وهو من أكبر الآلهة المصرية القديمة، وكان إله الخلق. وعبادته كان لها المكانة العليا فى ممفيس) وكان إطلاق هذا الإسم على القطر كله، وبحذف أول الكلمة اليونانية ونهايتها تبقى كلمة Gypt ، وهى أصل كل الكلمات التى تعنى مصر فى جميع اللغات الأوربية، وكلمة قبط بالعربية .(2)

وفى تقاليد أخرى أن الكلمة مستمدة أساساً – طبقاً للمصادر العربية والسامية – من اســـم قفطوريم (تك 10 : 14) ابن مصرايم صغير نوح، الذى كان أول من سكن وادى النيل، وأطلق إسمه على " قفط "المدينة القديمة بجوار طيبة . وقد سمى العرب مصر "دار القبط " .

ولما كان المواطنون الأصليون فى مصر مسيحيين أصبحت كلمة قبطى ومسيحى تعبران عن شئ واحد فى الفكر العربى. والكلمة أساساً لا ترجع إلى معنى دينى.. (3)


(1)  نيافة الأنبا يوأنس . العبادة فى كنيستنا دلالتها وروحانيتها ص7

(2) نيافة الأنبا يوأنس . فجر المسيحية والدماء الذكية ص 12

(3) نيافة الأنبا يوأنس . فجر المسيحية والدماء الذكية ص 12

Aziz Sourial, Eastern Christiamity History P8


ويقول العالم الأثرى الفرنسى مارييت "عندما هجر سكان وادى النيل دين أجدادهم ، ليعتنقوا الدين المسيحى لم يعد التاريخ يدعوهم مصريين بل قبطاً . فالقبط المسيحيون هم إذا بنو السلالة القديمة". هذا وقد عرفت مصر قديماً عند شعوب البلاد السامية المجاورة لها ، باسم مصر فى الأشورية، ومصرين فى الآرامية، ومصرايم فى العبرية وعرفها العرب باسم مصر.

والمصر فى اللغات السامية تعنى (الحد). وقد أطلقت الشعوب السامية - من أشوريين وأراميين وعبريين وعرب - على البلاد المتاخمة لهم (مصر) كما أسموا سكانها بالمصريين. (4)

الجنس: أجمع العلماء على أن الأقباط شعب أبيض من شعوب البحر الأبيض المتوسط. وقد حافظوا على بعض مميزات الجنس المصرى القديم، بل إحتفظوا ايضاً بالسحنة المصرية القديمة وبذا يمكن القول أن الأقباط اليوم هم - من ناحية الجنس - سلاله مباشره لقدماء المصريين. فالأقباط إذا عنصر أساسى فى الأمه المصرية ، لا تقوم دراسة صحيحة عن مصر وشعبها دون دراسة للأقباط تاريخاً ولغة وجنساً وأدباً وفناً.

ويقول العالم الأمريكى الاستاذ (وليم ورل) فى كتابه (موجز تاريخ القبط). (إن القبط هم المسيحيون من سكان مصر. وهم السلالة المباشرة لقدماء المصريين.. وللقبط أهمية خاصة لأنهم البقية الباقية من الشعب المصرى الصميم، ذلك الشعب الذى يمتاز بأن له أقدم تاريخ مدون، ثم لأنهم جماعة مسيحية عريقة بقيت على الزمن رغم عزلتها وإضطهادها). (5)


(4) نيافة الأنبا يوأنس . فجر المسيحية والدماء الذكية ص 13

مقاله للدكتور مراد كامل فى صفحة من تاريخ القبط

(5) نيافة الأنبا يوأنس . فجر المسيحية والدماء الذكية ص 14

W.H. Worrel, Ashort Account of the copts


مصر فى الكتاب المقدس:

يرد اسم مصر كثيراً فى الكتاب المقدس وفى العهد القديم على وجه التحديد، فإليها أتى أبينا ابراهيم عندما حدث جوع شديد فى أرض كنعان يقول الكتاب: "... وحدث جوع شديد فأنحدر إبرام إلى مصر ليتغرب هناك، لأن الجوع فى الأرض كان شديداً. وحدث لما قرب أن يدخل مصر أنه قال لساراى امرأته: إنى علمت أنك إمرأة حسنة المنظر فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه إمرأته فيقتلونى ويستبقونك قولى أنك أختى، ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من أجلك... فصعد إبرام من مصر وإمرأته وكل ماكان له ولوط معه إلى الجنوب" (تك 12 : 10- 20 ، 13 : 1).

كما جاء أيضاً يوسف إليها بعد أن باعه إخوته عبداً، لقافلة من المديانيين النازلين لمصر. ثم باعوه هؤلاء لفوطيفار رئيس شرطة فرعون، يقول الكتاب: "وأجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة فأتوا بيوسف إلى مصر... وأما المديانيون فباعوه فى مصر لفوطيفار خصى فرعون رئيس الشرط.. " (تك 37 : 28 ، 36). وفى مصر كان الرب مع يوسف فأصبح الوزير الأول لفرعون ملك مصر: "فحسن الكلام فى عينى فرعون وفى عيون جميع عبيده فقال فرعون لعبيده هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله ؟ ثم قال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك، أنت تكون على بيتى وعلى فمك يقبل جميع شعبى إلا أن الكرسى أكون فيه اعظم منك" (تك 41 : 37 – 46) .

وأستدعى أباه يعقوب وأسرته للإقامة فى أرض جاسان فى شرقى الدلتا (تك 46 : 1 – 47 : 5). وظل بنو إسرائيل فى مصر نحو ربعمائة سنة إلى أن خرجوا بقيادة موسى بعد الضربات العشر التى أجراها الرب على أرض مصر. ولما طاردهم فرعون مصر شق الرب أمامهم البحر الأحمر فعبروه على أرض يابسة إلى برية سيناء (خر 13 : 17 – 14 : 13) .

لقد كانت مصر هى أرض الملجأ لأبينا أبراهيم أب الآباء. وفى هذا إشارة للكنيسة القبطية التى ستتأسس فى هذه الأرض... وسيناء تقام فيها خيمة الإجتماع التى هى مثال للهيكل ثم الكنيسة. وفى الضربات فى مصر إظهار لقوة الله تبارك اسمه التى به تجلى أنه أقوى من الآلهة المصرية..

النبوات التى وردت عن الكنيسة القبطية فى العهد القديم

نحن لا نجد بلداً يتحدث عنه الكتاب المقدس مثل مصر وذلك بسبب أن اليهود كشعب أقاموا فى مصر وعاشوا مدة 400 سنة وأخيراً خرجوا بذراع رفيعه. لذا يقول يوحنا الرائى "مصر حيث صلب ربنا " (رؤيا 11 : 8) فهى تشير لخروف الفصح الذى أحتمى اليهود فى دمه والذى هو إشارة قوية للسيد المسيح له المجد .

ويقول إشعياء النبى : (هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها) (أش 19 : 1)

لقد رأى آباء الكنيسة المرتشدين بالروح القدس أن السحابة هى السيدة العذراء مريم التى قدسها رب المجد وحملت ربنا يسوع المسيح وهربت إلى مصر من وجه هيرودس ، لذا يقول القديس كيرلس الكبير : "السحابة المتألقة التى حملت الرب يسوع إلى مصر هى العذراء مريم التى فاقت السحاب نقاء وطهراً. أما المذبح الذى أقيم للرب فى وسط أرض مصر فهى الكنيسة المسيحية التى قامت على أنقاض الهياكل الوثنية على أثر تزلزل أوثانها وإنهيار برابيها أمام وجه الرب يسوع ". (6)

والكنيسة القبطية تحتفل بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر فى 24 بشنس الموافق أول يونيو وتقول فى ذكصولوجيه هذا العيد: "افرحى وتهللى يا مصر مع بنيها وكل تخومها لانه أتى اليك محب البشر الكائن قبل الدهور"، "اشعياء العظيم قال إن الرب قادم إلى مصر على سحابه خفيفة، وهو ملك السماء والأرض". (7)

وفى هذا يقول متى الإنجيلى: "إذا ملاك الرب ظهر ليوسف فى حلم قائلاً: قم وخذ الصبى وأمه وأهرب إلى مصر. وكن هناك حتى أقول لك. لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه. فقام وأخذ الصبى وأمه ليلاً وانصرف الى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكى يتم ما قيل بالنبى القائل من مصر دعوت ابنى" (متى 2 : 13 – 15).


(6) القمص تادرس يعقوب ملطى . من تفسيرات الآباء الأولين . اشعياء ص 203

(7) كتاب الأبصلمودية المقدسة – ذكصولوجية عيد دخول السيد المسيح أرض مصر


فلقد كانت مصر فى القديم تمثل العالم الوثنى الذى لم يعرف الإله الحقيقى لكنها كانت أيضاً ملجأ للكثيرين خاصة فى فترات الجوع، فجاء إليها كما ذكرنا أبينا ابراهيم أب الآباء، واستقبلت يوسف المضطهد من إخوته ليصير الرجل الثانى بعد فرعون. وإليها جاء يعقوب وبنوه، وفيها بداية شعب الله القديم بأسباطه الأثنى عشر. ثم تربى فيها موسى النبى العظيم قائد الخروج الذى قاد شعبة بدعوة من السيد الرب إلى الأرض التى وعد بها ابراهيم وقطع معه عهداً: (فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام عهداً (ميثاقا) قائلاً: لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات) (تك 15 : 18) .

كل هذا كان يشير إلى مجئ السيد المسيح لمصر أرض الملجأ وتأسيس كنيستها التى فيها الغذاء للروح والتى حافظت على الايمان الذى دافع عنه البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك العشرين.

والسيد المسيح الذى كان مثالاً له موسى قادنا إلى كنعان السماوية لقد كان مجئ السيد المسيح إشارة ورمزاً إلى أن الكنيسة القبطية ستتأسس فى هذه البلاد وتصير أحد الكنائس الرسولية منذ فجر المسيحية، وتحولت مصر من كونها أكبر معقل للوثنية إلى أعظم واكبر مركز للفكر اللاهوتى المسيحى وتلألأ فيها معلمى وآباء مدرسة الاسكندرية اللاهوتيه لتصير الكنيسة القبطية معلمة اللاهوت ورائدة فى تفسير الكتاب المقدس ولقب بابا الكنيسة القبطية بمعلم المسكونة.

ومن بركات مجئ السيد المسيح أن انطلقت حركة الرهبنة المسيحية فمن كنيستنا القبطية خرج أب جميع الرهبان فى العالم القديس أنطونيوس الكبير.

  •    يقول إشعياء النبى: (فى ذلك الوقت يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها) (اش 19 : 19) (8)

وفى ذلك إشارة واضحة لمذبح العهد الجديد لأن مذبح العهد القديم كان فى الهيكل فى أورشليم ولا يجوز تقديم ذبائح للرب خارج أورشليم.


(8) القمص تادرس يعقوب. من تفسيرات الأباء الأولين . اشعياء ص 208


كما أن العائلة المقدسة فى ذهابها إلى صعيد مصر مكثت سته أشهرفى الموضع الذى فيه الآن الدير المحرق بجبل قسقام بالقوصية وهو فى وسط أرض مصر وفيه أقيمت كنيسة تقدم على مذبحها ذبيحة الأفخارستيا.

اما العمود الذى أشار إليه النبى إشعياء وفى تخم مصر فهو القديس مارمرقس الذى جاء لمصر كارزاً بالأنجيل "ويعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم " (أش 19 : 21 ). إشارة لدخول المصريين للمسيحية ومعرفتهم الحياتية بالسيد الرب وارتبطت عبادتهم بالحياة الروحية العميقة والنسكية وخبرة الشركة مع الله. وأمتزجت المعرفة بالعبادة لذا يقول النبى "ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذراً ويوفون به" (أش 19 : 21)

تفسيرات خاطئة لما ورد فى أشعياء ص 19:

1- حاول البعض تفسير هذه النبوة إنها تحققت فى أيام أشعياء خلال غزوة سرجون (722 – 715 ق.م) حينما غزا مصر وانتصر على ملكها فى عصر الأسرة الفرعونية الخامسة والعشرين الكوشية الأصل.

2- كما أدعى البعض أنها تشير إلى عهد نبوخذ نصر الذى إنتصر على خفرع فرعون مصر (588 – 568 ق.م) من ملوك الأسرة السادسة والعشرين حينما أراد معاونة صدقيا ملك يهوذا (حزقيا 17 : 11 – 21) وقد إنتصر عليه نبوخذ نصر وأوقد النار فى بيوت الآلهة المصرية (ارميا 43 : 1 – 13 ، 46 : 13 – 26) .

3- وحاول البعض الأدعاء بأنها تشير بصفة خاصة لغزوة قميز الفارسى ابن كورش والذى غزا مصر فى عهد بسماتيك والذى استولى على منف وزحف إلى طيبة وأستولى عليها وأنهى حكم الأسرة السادسة والعشرين.

4- والبعض يرى أنها تمت فى غزوة انطيوخوس الرابع لمصر 170م ، فى أيام الملك بطليموس الذى سمح لأحد رؤساء كهنة اليهود يدعى أونياس بإقامة هيكل على نسق هيكل أورشليم ليتعبد فيه اليهود الذين جاؤا لمصر بعد طردهم من فلسطين. ويظنون أن هيكل أونياس تمت فيه النبوة، ولكن هذا الهيكل تم خرابه بعد أن أغلقه الأمبراطور فاسبسيان عام 73م بعد تحطيم هيكل أورشليم بيد إبنه تيطس عام 70م . وهذا الهيكل ليس الهيكل الشرعى وبذلك ليس صحيح تفسير أن نبوة إشعياء تحققت خاصة أنه وفقاً للشريعة لا يقام الهيكل خارج أورشليم . كما أن النبوة لا تنحصر فى اليهود اللاجئين إلى مصر وإنما تمتد لتشمل المصريين أنفسهم الذين يرجعون إلى الرب ويعبدونه مقدمين له الذبائح والتقدمات وهذا تحقق بإقامة المذبح المسيحى فى مصر وذلك إشارة لتأسيس الكنيسة القبطيه الأرثوذكسية .

هذا هو التفسير الصحيح لنبوة إشعياء عن مجئ الرب إلى مصر راكباً على سحابة سريعة وترتجف أوثان مصر قدامه ، لقد تم هذا حينما أتى السيد المسيح إلى أرض مصر محمولاً فى أحضان السيدة العذراء التى هى السحابة الحقيقية السريعة وبمجيئه أعطى البركة لشعبه الذى فى مصر ، وتروى تقاليد الكنيسة القبطية أن الأصنام قد إنكفت على وجهها وتحطمت فى معابد البلاد التى زارتها العائلة المقدسة فى مصر . وعندما إنتشرت المسيحية فى أرض مصر بكرازة مارمرقص الرسول تحققت نبوة إشعياء بعودة المصريين إلى الرب واستجابته لهم بعدما عرفوه وعبدوه وبدأت ترفع ذبيحة الإفخارستيا على مذابحها .

ولقد تلقت العائلة المقدسة فى هذا المكان الأمر بالعودة إلى فلسطين، وتجمع كل المصادر الكنسية والتاريخية على أن دير المحرق هو آخر بقعة فى صعيد مصر بلغتها العائلة المقدسة وأنه المكان الذى أقامت فيه العائلة المقدسة وتحول إلى هيكل كنيسة العذراء الأثرية.

فلقد رأى يوسف النجار الحلم الذى أعلمه فيه رئيس الملائكة غبريال أو جبرائيل بموت هيرودس الذى كان يبتغى نفس الصبى ليهلكه، ثم أمره بأن يأخذ الصبى وأمه ويعود إلى فلسطين.


(9) الشماس الدكتور أميل ماهر. سلسلة دراسات فى الكتاب المقدس (2) المسيح فى نبوات العهد القديم ص 34


وتتمتع هذه الكنيسة بميزة أخرى فريدة فهى الكنيسة الوحيدة فى مصر بل فى العالم كله التى قيل إن المخلص دشنها بنفسه ورش فى أركانها الماء المبارك بيديه الطاهرتين وكان رئيسا الملائكة ميخائيل وغبريال يحملان الوعاء الذى يحتوى الماء الذى قدسه الرب بذاته وكل ما سكب الماء كان له المجد يقول : "اليدان اللتان خلقتا آدم ونسله وسمرت على خشبة الصليب تقدسان وتباركان هذا البيت العظيم" وهذا التدشين وفقا لمخطوط البابا ثيئوفيلوس تم بعد قيامة الرب من بين الأموات وأنه ظهر لأمه العذراء وبعض رسله الأطهار ومعهم مريم المجدليه وسالومى، حيث كانوا مجتمعين فى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس الرسول وأحد الإنجيليين الأربعة.

وكما يقول المؤرخ بلاديوس (من رجال القرن الرابع) أنه ذهب بنفسه إلى أقليم الصعيد فى منطقة الأشمونين حيث ذهب مخلصنا مع مريم ويوسف إتماماً لكلمة إشعياء الذى قال : "هوذا الرب يركب على سحابه سريعة ويدخل مصر". وقد رأى أيضاً هناك بيت الأوثان وقد سقطت جميع الأوثان التى فيه على وجهها، عندما دخل مخلصنا المدينة. (10)

والمتأملون فى وضع مذبح كنيسة العذراء بدير المحرق يجدون أنه حقاً فى وسط أرض مصر وعليه ينطبق حرفياً، وليس معنوياً فقط قول الرب على لسان نبيه إشعياء: "فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذراً ويوفون بها".

فمذبح كنيسة العذراء بدير المحرق هو فى منتصف المسافة من شمال مصر إلى جنوبها، وهو علامة وشهادة لرب الجنود فى مصر، فالناس يأتون إليه للبركة من مختلف بلاد العالم وعليه تقدم الذبيحة الإلهية والتقدمة الطاهرة يومياً بغير إنقطاع. (11)     


(10)  نيافة الأنبا غريغوريوس . هروب العائلة المقدسة الى أرض مصر - دير السيدة العذراء  ص6

(11) نيافة  الأنبا غريغوريوس . هروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر الناشر دير السيدة العذراء المحرق ص 38 


المراجع

(1) نيافة الأنبا يوأنس . العبادة فى كنيستنا دلالتها وروحانيتها 1987

(2) نيافة الأنبا يوأنس . فجر المسيحية والدماء الذكية 1990 

(3) القمص تادرس يعقوب . من تفسيرات الأباء الأولين . اشعياء 

(4) كتاب الأبصلمودية المقدسة للكنيسة القبطية الإرثوذكسية

(5) الشماس الدكتور أميل ماهر . سلسلة دراسات فى الكتاب المقدس

(2) المسيح فى نبوات العهد القديم   1992

(6) نيافة الأنبا غريغوريوس . هروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر

الناشر دير السيدة العذراء المحرق – إعداد القمص باخوميوس المحرقى 

(7) إيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - الجزء الأول

(8) مقاله للدكتور مراد كامل فى صفحة من تاريخ القبط

(9) W.H. Worrel, Ashort Account of the copts

(10) Aziz Sourial, Eastern Christiamity History    

Previous
Previous

مستقبل المسيحيّة في الشرق الأوسط

Next
Next

لسنا هنا عبثًا، بل اننا نحمل رسالة المحبة والرجاء والثقة، الهجرة اختيار أم تهرب؟