مجلس كنائس الشرق الأوسط: تحدّيات المحيط ومخزون القيم

Dr. Michel Abs, MECC Secretary General .jpg

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

يعمل مجلس كنائس الشرق الأوسط في محيط كثير الاضطراب والتقلُّب والبلبلة ويجد نفسه أحيانًا في مواقع تحتاج إلى الكثير من الجُرأة والإقدام للتعامل مع مكوّناتها.

المجلس، الذي يضمّ كل كنائس المنطقة والذي يعمل منذ نصف قرن تقريبًا، قد اكتنز خبرة ودراية في مجالات أظهر فيها نجاحًا يُشكر عليه. عبر نشاطاته، رَسَم المجلس سُبُل عملٍ وتفاعل بين مختلف المجموعات الدينيّة والإثنيّة في المنطقة شكّلت نموذجاً يُحتذى به نظرًا للتنوّع الشديد وللبنى الإجتماعيّة والثقافيّة المعقدة في المنطقة.

لقد كان المجلس رائداً واظهر نجاحًا في مجالات الخدمات الإجتماعيّة، من الإغاثة إلى التنمية، كما كان متقدمًا في العمل في تمكين المرأة والعمل مع الشبيبة والفئات الإجتماعيّة المستضعفة ومحو الأميّة والعلاقة بين الأديان والدفاع عن القضايا الوطنيّة في المحافل الدوليّة. لم يترك المجلس مجالاً يمسّ مصير هذه الأمة إلا وتعاطى به، مما يجعل تأثيره واضحًا للمبصر العليم.

منذ البداية مَحضت الكنائس ثقتها للمجلس واعتبرته ممثلًا لها في شتّى المجالات وناطقًا باسمها في منابر العالم في الأمور التي تحتاج إلى عمل جماعي ولا تستطيع الكنائس القيام به منفردة.

إستطاع المجلس أن يكون أداة تغيير- وتنمية إجتماعي وثقافي في العديد من المجالات واستطاع أنّ يتكيّف مع التحوّلات المحليّة والدوليّة وأن يتوافق مع متطلّبات المحيط، وهذه سِمَة المؤسّسات الحيّة القادرة على الإستمرار والتقدّم.

في اجتماعه اليوم مع شركائه الدوليّين، يستعدّ المجلس، بلجانه المسكونيّة وفريق عمله، أنّ يسجّل تحولًا جديدًا في استشرافيّته وهو على عتبة عيد تأسيسه الخمسين، ويثبت مرة أخرى أنّ كنيسة المسيح، الذي غلب الفناء، سوف تبقى نبع تجدّد في القيَم ورسم مسار جديد للإنسانيّة.

إنّ المجلس، بينما هو يعمل على تأمين مستلزمات الحياة للفئات المنكوبة في هذه البلاد، يتطلّع إلى أن يكون وسيلة تجدّد روحي وقيَميّ وأن يكون وسيلة إعادة بناء للرأسمال الإجتماعي في بلادنا واستعادة لكرامة إنسانيّة فقدتها ونسيتها بعض فئات هذا المجتمع من فرط إذلالها وتهميشها.

إنّ التقدّم الإجتماعي هو ماديّ وروحيّ بامتياز، ولا يمكننا العمل على واحد من هذين البعدين للوجود الإنسانيّ دون الآخر، وهذا هو جوهر إيماننا وعملنا، نستقيه من أقوال السيّد وأفعاله، كنزنا حتى انقضاء الدهر.

Previous
Previous

بطولة قضائية أم حيلة أخرى؟

Next
Next

الاجتماع السنويّ لفريق مجلس كنائس الشرق الأوسط وشركائه: العمل معًا من أجل تعاون أكثر فعاليّة واستدامة