هذا التقرير متوفّر أيضًا باللّغتين الإنكليزيّة والإسبانيّة.

قد بدأ العد العكسيّ لـ4 آب/ أغسطس. مصدر الصورة: النشرة

قد بدأ العد العكسيّ لـ4 آب/ أغسطس. مصدر الصورة: النشرة

مع اقتراب الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت الكارثي، عقدت دول الإتحاد الأوروبي إجتماعات لمناقشة الوضع اللبناني المأساوي. بداية كان الحديث عن تشكيل فريق عمل تابع للأمم المتحدة لتنفيذ أعمال إنسانيّة في لبنان. لكن تمّ إلغاء الخطّة واستبدالها بالحلّ الأكثر تقليديّة الذي كان الغرب قد استخدمه خلال الأعوام الماضية ويتلّخص بعنوان: العقوبات.

 تشير الأدلّة التجريبيّة حتى الآن إلى أنّ مثل هذا التكتيك ليس له فوائد تذكر، بحيث تؤكد المؤشرات أنّ السياسيين لم يغيروا في أدائهم. وبدلاً من الضغط على أصحاب القرار فإنّ الضغط ينصّب على الناس العاديين فيما يبقى الفاسدون في مراكزهم وتسلّطهم. وفي تأكيد على قراره، أكد الإتحاد الأوروبي أنّ العقوبات ستكون "متوازنة" وضدّ أشخاص من مختلف الفئات الطائفيّة والسياسيّة في لبنان.

القاضي طارق بيطار. مصدر الصورة: النشرة

القاضي طارق بيطار. مصدر الصورة: النشرة

 مع ذلك، فإن أيّ مواطن لبناني عادي يعرف أن هناك حاجة إلى أبعد من هذا الإجراء، خصوصًا عندما يكون لدى السياسيّين إمكانية الوصول إلى الأسلحة والأموال من الأنشطة غير المشروعة التي يشرّعون لنفسهم القيام بها.

فيما مضى ربما كانت مقولة "القلم أقوى من السيف" صحيحة. فيما اليوم يبدو أنّ هذا القول المثالي غير قابل للتطبيق عند التفكير في الطبقة الحاكمة: فهؤلاء لا يهتمون بالقيم الإنسانيّة الدوليّة ولا يهتمون بما يحدث للناس الذين يحكمونهم.

بموجب هذه المعطيات، قد يكون التدخّل الأجنبيّ حلًّا مؤقتًا جيدًا لوضع الفاسدين تحت السيطرة وتوفير مساحة حرّة لإجراء تحقيق شفّاف وصادق في انفجار المرفأ وأسبابه. علمًا أنّ القاضي طارق بيطار، المدعي العام المسؤول عن قضية إنفجار بيروت، يواجه انتقادات شديدة من بعض الأطراف السياسيّة تحت عنوان الحصانة النيابية والسياسيّة. لذا، سواء كانت حياته على المحك أم لا، بات القاضي محاطًا بمزيد من الحراس الشخصيّين والإجراءات الأمنية لحمايته إن في مكتبه أو في منزله. والمؤكد أنّ بعض الرؤساء والوزراء يماطلون في التحقيق من خلال رفضهم رفع الحصانة عن المسؤولين المستدعين للتحقيق.

تلطيخ بعض الجدران باللّون الأحمر دلالةً على دمّ الضحايا. مصدر الصورة: الجزيرة

تلطيخ بعض الجدران باللّون الأحمر دلالةً على دمّ الضحايا. مصدر الصورة: الجزيرة

لا يهدأ أهالي ضحايا إنفجار المرفأ، تحرّكاتهم تغلي في بيروت كما يغلي الغضب في قلوبهم، فليل الثلاثاء 13 تموز/ يوليو، نظّموا تظاهرة إلى أمام منزل وزير الداخلية محمد فهمي إعتراضًا على رفضه طلب القاضي بيطار القانوني باستجواب رئيس جهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم. عندها اندلعت واحدة من أعنف المواجهات بين شرطة مكافحة الشغب والأهالي الذين اقتحموا مدخل المنزل ووضعوا أمامه توابيت بيض فارغة، حملوا صور أحبائهم ولونوا الجدران بالطلاء الأحمر في مشهدية رمزية للموت والدم الذي دفعه أبناءهم الضحايا في بيروت. نتيجة لذلك، أصيب العديد من الأهالي ومن عناصر القوى الأمنيّة  والمراسلين الصحافيين وسجّلت أضرار ماديّة في محيط المكان.

الأحد المقبل، سيتلقّى القاضي بيطار دعمًا شعبيًا من بعض الذين دعوا الى تنظيم تظاهرة أمام وزارة العدل من بينهم أهالي شهداء المرفأ بالطبع. وإذا حدثت أيّ محاولة إعتداء عليه، سيؤدي ذلك حتمًا إلى مزيد من الغضب العام قد لا تُحمَد عقباه. بعد ذلك، سيتعيّن على الغرب إعادة النظر في نهج التعامل مع ملف لبنان.

هل يمكن أن تنجح محاولات كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين؟ نعم يمكن، كل ما نحتاجه هو إرادة الناس وتصميم الغرب على وضع حدّ لمعاناة اللّبنانيّين مرة واحدة وإلى الأبد! إنها فرصة ذهبيّة يجب ألا تضيّعها فرنسا وباقي دول الإتحاد الأوروبي.

 الوقت يمرّ ونحن نقترب من 4 آب/أغسطس جديد لذا لا بد وأن يحدث شيء ما، فإمّا أن ينهض اللبنانيّون كأمّة واحدة في وجه الفاسدين، أو تسير الأمور في منعطف مختلف لا يُرضي أصحاب الحق. ومع ذلك، بغضّ النظر عن الوقت الذي سيتطلبه تحقيق العدالة، لا تزال الساعات تدّق نحو ساعة الصفر. تيك توك، تيك توك.

دائرة التواصل والعلاقات العامة

Previous
Previous

قسائم شرائيّة لأبناء عكّار اللّبنانيّة

Next
Next

موسم الخليقة شرقًا للمرّة الأولى مع مجلس كنائس الشرق الأوسط