عيد "فارتافار" الأرمنيّ بين الإحتفالات الكنسيّة والتقاليد الشّعبيّة

ماذا يحصل في هذا اليوم التاريخيّ؟

هذا التقرير متوفّر أيضًا باللّغتين الإنكليزيّة والإسبانيّة.

6.jpg
1.png

تقرير ايليا نصراللّه

يحتفل المسيحيّون على مدار السّنة بأعياد ومناسبات كنسيّة وليتورجيّا عدّة ومتنوّعة، كلّ بحسب تقاليده وعاداته الدينيّة، المحليّة والعالميّة، فهل تشكّل الإحتفالات هذه إختلافات بين العائلات الكنسيّة؟ بالطبع كلّ منها لها خصائصها وطقوسها لكن ما يميّزها كلّها يتجلّى تحت عنوان واحد "الغنى في التنوّع". هذا الغنى الّذي لطالما إمتازت به كلّ الكنائس شرقًا وغربًا ممجّدين السيّد يسوع المسيح بإيمان واحد ومعترفين بموته وقيامته من بين الأموات.

من هذا المنطلق دعونا اليوم نتعرّف على عيد قديم تحتفل به الكنيسة الأرمنيّة عالميًّا وإقليميًّا حيث يصادف هذه السّنة يوم الأحد 11 تمّوز/ يوليو، ليكون محطّة سنويّة جامعة بين التقاليد اللّيتورجيّة والشّعبيّة. إنّه عيد "فارتافار" أو "عيد رشّ المياه" أو بالعاميّة "الرّشيش". إنّه عيد تجلّي الربّ يسوع المسيح، وواحد من الطقوس الإحتفاليّة الخمسة للكنيسة الأرمنيّة الرّسوليّة؛ فإلى أي حقبة يعود هذا العيد؟ ما هي ميّزاته؟ وكيف يحتفل به المؤمنون؟

 

7.jpg

بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ العيد هذا تقليد يرمز إلى الحياة بعد الطوفان ويعود إلى الفترة ما قبل المسيحيّة وإلى العصور الوثنيّة القديمة ليأخذ بعدها طابعًا دينيًّا مسيحيًّا. يحرص المواطنون في أرمينيا على المحافظة عليه منذ حقبة النبيّ نوح ويحتفلون به منذ عقود عدّة في البلاد، حيث نقلوا الإحتفال به إلى كلّ دول الإغتراب الّتي تحضن الأرمنيّين بما فيها دول الشرق الأوسط كمصر على سبيل المثال.

تاريخيًّا ووثنيًّا، خُصّص عيد "فارتافار" لآلهة "آستغيك"، آلهة الخصوبة والجمال والماء. كان يأتي عقب العمل الميدانيّ وجمع الحبوب، حيث جرت العادة بترتيب مأدبة طعام على شرف تضحية قادتهم. كما كان النّاس يعمدون إلى تقدمة باقات الورد إلى معابد "آستغيك" ليتمّ بالتّالي رشّ الماء في هذه الأماكن بغية شكر الآلهة لدعمها نموّ البذور وبهدف غسل الشّرور أيضًا. من هنا تعني كلمة "فارتافار" بالأرمنيّة "رفع الورد"، حيث كان يُقام هذا التقليد خلال إحتفالات شعبيّة كبيرة، لتبقى عادة رشّ المياه موجودة حتى أيّامنا هذه.

لكن عام 301 ميلاديًّا وعقب إعتناق الأرمن المسيحيّة، إستعادت الكنيسة الأرمنيّة الإحتفال بعيد "فارتافار" وقامت بربطه أيضًا ببعض التقاليد المسيحيّة، وذلك للمحافظة على التقاليد الأرمنيّة القديمة من ناحية وترسيخ الإيمان المسيحيّ لدى الشّعب من ناحية أخرى. في هذا الإطار، يأتي هذا العيد بعد مرور 98 يومًا على عيد الفصح ليجسّد حدث تجلّي الرّبّ يسوع المسيح في جبل طابور الّذي، بعد إعلانه آلامه لتلاميذه، أخذ "بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ" (متّى 17: 2:1).

 

نجحت أرمينيا في إدراج هذا العيد في قوائم التراث غير المادي فى "اليونيسكو" عام 2011، وتستمرّ سنويًّا بالإحتفال به عبر طقوس خاصّة يشارك فيها الكبار والصّغار، أمام معابد وأديرة أرمنيّة تاريخيّة عدّة كدير كيغارت ومعبد كارني الوثنيّ... من هنا تُقام الصّلوات ومباركة المشاركين، إضافةً إلى ممارسة تقليد رشّ المياه في الشّوارع، من دون أن ننسى الإحتفاء به في مصر.

وفي سياق متّصل يحتفل المسيحيّون في منطقة القامشلي السوريّة أيضًا بـ"رشّ المياه" بشكل مشابه حيث سُمّي عيد الخمسين لأنّه يأتي بعد 50 يومًا على عيد القيامة. أخذ العيد هذا في ما بعد طابعًا شعبيًّا وطقسًا إجتماعيًّا يتشارك أبناء المنطقة خلاله باللّهو عبر رشّ المياه، وذلك دلالةً، وفق ما يُقال، على حلول الرّوح القدس على تلاميذ السيّد المسيح على شكل ألسنة نار، ليرمز بالتّالي الرّشّ إلى هذه الألسنة.

دائرة التواصل والعلاقات العامة


المراجع:

موقع خبر أرمني: https://bit.ly/3jKW0DY

موقع أرمنبريس: https://bit.ly/2SQNYyz

موقع الوطن: https://bit.ly/3Ayv9kr

https://bit.ly/3weVqkJ

موقع صدى البلد: https://bit.ly/3qOdLnq

موقع الأقباط اليوم: https://bit.ly/3dK4hEE

موقع سناك سوري: https://bit.ly/36mYLmZ

Previous
Previous

راعي أبرشية الأرجنتين المطران جون حبيب شاميّة: هكذا هو واقع المسيحيّين في الإنتشار

Next
Next

مستجدّات فيروس كورونا كوفيد-19 في الشرق الأوسط