"أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين"

موعد تاريخيّ سنويّ بين 18 و25 كانون الثاني/ يناير، فما هي رمزيّته؟

يُحتفل بأسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين سنويًّا بثُمانيّة صلاة يوميّة حول العالم، في محطّة سنويّة تاريخيّة تمتد من 18 وحتى 25 كانون الثّاني/ يناير في الرّزنامة المسيحيّة العالميّة. وذلك في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، أما في الجزء الجنوبي حيث تكون هذه الفترة موسم عطلة فتحتفل الكنائس أيامًا حول عيد العنصرة.

وحدة صلّى من أجلها سيّدنا يسوع المسيح وأوصانا قال "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يوحنّا 17: 21).

يحمل أسبوع الصّلاة معان مسيحيّة ولاهوتيّة عميقة ينتقل عبرها المسيحيّون في رحلتهم المسكونيّة السّنويّة، إلّا أنّ لاختيار تاريخ الأسبوع بحدّ ذاته دلالة خاصّة ترسّخه كتقليد مسيحيّ بدء منذ العام 1908. فيأتي 18 كانون الثّاني/ يناير ليذكّرنا بعيد قيام كرسيّ القدّيس بطرس الرّسول الّذي تُستهلّ معه الصّلوات الموحّدة لتبني الجسور وتعزّز الأخوّة بين جميع المسيحيّين. أمّا 25 كانون الثّاني/ يناير فيدلّ إلى عيد إرتداد القدّيس بولس الرّسول الّذي ينتهي معه أسبوع الوحدة ليشكّل بالتّالي دعوة للإستمرار بالصّلاة من أجل هذه الوحدة خلال كلّ أيّام السّنة.

 

قيام كرسيّ القدّيس بطرس الرّسول

"أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (مت 16: 18). بهذه الكلمات توجّه الرّبّ يسوع إلى بطرس محمّلًا إيّاه رسالة البشارة ليكون رئيسًا للرّسل وعلامة لوحدتهم. على الرّغم من كلّ أخطائه، أوكله المسيح بمهمّة سامية تتُرجم بخدمة وحدة الكنيسة وترسيخ الأخوّة في الإيمان.

كان بطرس "هامة الرّسل" صيّاد سمك بسيط، نكر المسيح ثلاث مرّات إلّا أنّه عاد إلى ذاته وتاب. عندما تفرّق الرّسل لينطلقوا ببشارتهم في كلّ أنحاء المسكونة، بقي بطرس في أورشليم واليهوديّة ليستمرّ بكرازته.

عام 35 أو 36 إنتقل بطرس إلى أنطاكية حيث أقام كرسيّ رئاسته وواصل بشارته مترأّسًا الكنيسة حتّى عام 42. أمّا عام 43 فتوجّه إلى روما ونقل معه كرسيه بإلهام من الله، فعهد القدِّيس أوديوس ليكون أسقفًا خلفًا له على كنيسة أنطاكية.

دفاعًا عن كلمة الحقّ سُجن بطرس مرّتين، وبعد أن خلّصه ملاك الرّبّ في الأولى، حكم عليه نيرون في المرّة الثّانية بالصّلب حيث أراد أن يُصلب رأسه إلى الأسفل. إستشهد إذًا عام 67 ميلاديًّا في روما ووُضع جسده في بازيليك القدّيس بطرس في الحاضرة الفاتيكانيّة.

 

إرتداد القدّيس بولس الرّسول

أمّا القدّيس بولس الرّسول فيُحتفل بعيد إرتداده كدلالة على اعتراف المسيحيين بعظمة النّعمة الإلهيّة الّتي تفيض حيث تكثر الخطيئة. كان بولس يهوديًّا فرّيسيًّا من سَبَطِ بنيامين، إضطهد كنيسة الله وحارب إسم يسوع.

عُرفت عظمته عبر قصّة إرتداده العجيب على طريق دمشق حيث شاهد رؤية أدّت إلى فقدانه النظر. إذْ، أبرق عليه من السّماء نور عظيم وظهر له يسوع المسيح متكلّمًا معه ليدرك بالتّالي بولس أنّ المسيح قام من بين الأموات على عكس ما كان يظنّ.

مذّاك الوقت آمن بولس بالمسيح واستعاد بصره بعد أنّ تعمّد على يد حنانيا ليصبح مبشّرًا بكلمة الحقّ وعرّابًا لترسيخ الإيمان المسيحيّ في كلّ أنحاء الأرض.

إذًا يشكّل الرّسولين بطرس وبولس مثالًا لمسار الوحدة الكاملة الّتي يسعى إليها المسيحيّون اليوم. من هنا لا بدّ من إستذكار ما أوصى به بولس الرّسول "أطلب إليكم أن تسلكوا بكلّ تواضع ووداعةٍ وبطول أناةٍ محتملين بعضكم بعضًا في المحبّة مجتهدين أن تحفظوا وحدانيّة الرّوح برباط السّلام".

 

عيد العنصرة

أما عيد العنصرة فهو عيد تأسيس الكنيسة وولادتها، اليوم الّذي فيه أوكلت إليها رسالتها: جماعة مبشّرة وشاهدة، وقبل التلاميذ كلام الربّ بفرح عظيم ليبشّروا به في كلّ أقاصي الأرض وبلغّة واحدة، لغّة اللّه... إنّه عيد العنصرة، ذكرى حلول الرّوح القدس على الرّسل الّذين كانوا مجتمعين مع والدة الإله في عليّة صهيون، القدس، عقب صعود يسوع المسيح إلى حضن الآب السّماويّ.

تحتفل العائلات الكنسيّة بالحدث الإلهيّ هذا بعد خمسين يومًا من عيد الفصح، كلّ منها بحسب طقسها وعقيدتها. ووفق سفر أعمال الرّسل 1:2-11 "حَدَثَ بَغْتَةً صَوتٌ منَ السَّماءِ كَصَوتِ ريحٍ شديدةٍ تَعْسِفُ" وملأ كلّ البيت الّذي كان يضمّ جميع الرّسل حينها، لتظهر لهم ألسنة نار "مُتَقَسِّمَةٌ كَأنَّها مِنْ نَارٍ، فاستَقَرَّتْ على كُلِّ واحدٍ مِنهُم فامتَلأوا كُلُّهُمْ مِنَ الرُّوح القُدُسِ، وَطَفِقوا يتكلَّمونَ بلغاتٍ أُخرى، كَمَا أعطاهُمُ الرُّوحُ أنْ ينطِقوا...". مع حدث العنصرة إذًا، تُتَوّج المرحلة الثّالثة في الكنيسة بالعهد الجديد، لتكون المرحلة الأولى ممتدّة من البشارة إلى الصّليب، الثّانية من الصّليب إلى القيامة والثّالثة من القيامة مرورًا بالصّعود ووصولًا إلى العنصرة.

 

دائرة التواصل والعلاقات العامة في مجلس كنائس الشرق الأوسط

Previous
Previous

توزيع 900 كيلو من العلف و720 كيلو من التبن لمربّي الأبقار في بلدة النعيمة

Next
Next

الصّلوات والتأمّلات والقراءات اليوميّة الخاصّة بـ"أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين" 2023 باللّغة الإسبانيّة