تأملات في الزمن الرديء

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

في هذه المرحلة تزدحم المواعيد والمناسبات التي تحمل عبرا ودروسا للبشرية، أهمها عيد القيامة، ذكرى خطف مطراني حلب في 22 نيسان/ابريل، ذكرى مجازر الأرمن في 24 نيسان/ابريل، ولاحقا ذكرى مجازر السريان-الاشوريين-الكلدان، في 15 حزيران/يونيو، والتي اطلقت عليها تسمية سيفو.

في هذه المرحلة المفعمة بالمشاعر والانفعالات، يقف المسيحي المؤمن وقفة تأمل امام هذه الاحداث التي رسمت جزءا أساسيا من تاريخ البشرية، وكلها تتمحور حول الايمان المسيحي، والرسالة المسيحية، والدور المسيحي في هذه المنطقة وفي العالم.

المسيح قُبض عليه ظلما وبهتانا، وجرت محاكمته من قبل المنافقين، وجرى صلبه من قبل طغاة صدّقوا ما قاله المنافقون، ولكنه انتصر على الفناء بالقيامة، معطيا املا وحياة جديدة لبني البشر. لقد كانت "جريمة" السيد انه علّم المحبة ومارسها، فأتت تحديا على كل ممتنهني الحقد والكراهية والتعصب والفساد.

الشعب الأرمني، وهو على عقيدة المسيح، ليس افضل حالا، اذ "قُبض" عليه أيضا ظلما وبهتانا، وحاكمته أيضا طغمة من المنافقين والطغاة، وذبحوه ذبح النعاج، ومارسوا عليه كل صروف التعذيب والاذلال والتنكيل، مستعيدين معه طريق الجلجلة التي سار عليها السيد المتجسد. هذه الطغمة مارست القتل على اكثر من فئة وقعت تحت سلطانها ولم توفر اية مجموعة بشرية استضعفتها.

المطرانين، مطراني حلب، وهما على عقيدة المسيح، خُطفا، وهل ابشع واذل من الخطف، لانها كانا في مهمة إنسانية مارسوها منذ بداية الحرب في بلاد الشام، حيث تشرد الناس وقُتل من قُتل منهم، ودُمرت بيوتهم، ونُهبت ممتلكاتهم، وضاع مستقبلهم واصبح مصيرهم في مهب الريح.

رغم اننا لا نعرف شيئا عن مصير المطرانين، هذين الحبرين الجليلين، ولكننا لا نحتاج الى الكثير من التحليل العلمي لنعرف ما قد يكون جرى لهما. رجلي دين وقعا بأيدي عصابات لم توفر حتى رجال الدين الذي ينتمون اليه. ماذا نتوقع؟ هما ليسا في منتجع ترفيهي، ولا في في مركز تأهيل طبي، ومن الأرجح ان لا تكون قد جرت معاملتهما افضل مما عومل السيد ابان صلبه، او الأرمن خلال ابادتهم. كم نتمنى ان تكون تحليلاتنا خاطئة!

حكاية الظلم، هي نفسها، وحكاية الطغيان، هي نفسها، وحكاية الجلجلة، هي نفسها، وحكاية الصلب، هي نفسها، ولكن حكاية القيامة هي نفسها أيضا، وهي الرد على كل الظلم والطغيان والقتل. حكاية القيامة ان ابن الانسان قد تجسد واتى الينا واخذنا بيده وسار بنا الى الأبدية. حكاية القيامة هي حكاية امل للشرفاء المؤمنين، الذين يقدسون النفس البشرية ويصونون الكرامة الإنسانية مقتدين بالمعلم الذي بشر بالمحبة التي بها قد غلب العالم.   

Previous
Previous

حضرة القسّ د. جون هولدزورث يزور الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس

Next
Next

وفد من  جامعة آزاد الإسلاميّة في قم، ايران، في زيارة إلى الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس