القِدّيس يوحنا الروسي (+1730م)

تُعَيِّد له الكنيسة اليوم ٢٧ أيّار

وُلدَ يوحنا في قرية من قُرى روسيا الصُغرى ونشأ على التقوى ومحبّة الفضيلة. لمّا بلغ الحادية والعشرين طُوِّع في عسكر القيصر واشتركَ في الحرب الروسية التركية التي استمرّت من العام 1672م إلى 1681م.

وقع يوحنا أسيراً في يد التَتار وبيعَ عبداً لأحد قادة الفرسان العثمانيين، المدعو الحاج حسن آغا الذي كان يقطُنُ في بروكوبيو في آسيا الصغرى، وهي مدنية قريبة من قيصَريّة الكبادوك.

عاش يوحنا، عبداً للحاج حسن، هذا كان يضربه ويهينه ويُشَدِّد عليه ليصير مُسلِماً، فكان رد يوحنا أنّه لا شيء يفصله عن المسيح. أوكَلَ الآغا إلى يوحنا أمر العِنايَة بالأحصِنة التي لديه، فأقام في زاوية مُعتِمَة من الإسطبل. لم يشأ أن يُقيم في المنزل الخاص به، الذي أفرده الآغا وزوجته له. آثر حقارة الإسطبل نسكاً. وحين كان الآغا يخرج إلى القرية على صَهوَة حِصانه كان يوحنا يتبعه ماشياً كعبد.

عاش يوحنا حافي القدمين صيف شتاء، يلبس الأسمال، لا يأخذ من الراحة سوى قسط يسير على القش أو الزبل، نظير أيوب الصدّيق. يعمل في الإسطبل نهاراً ويقيم الصلاة في الليل. وكثيراً ما كان يوجد راكعاً الليل بطوله في ساحة كنيسة القِدّيس جاورجيوس القريبة. حياة يوحنا ووداعته وصلابته في إيمانه، غَيَّرَت بنِعمَة الله، قلب الآغا ومشاعره تجاهه فَكَفَّ عن اضطهاده، وأقلع عن محاولة إجباره على التخلي عن إيمانه، لا بل صار يعطف عليه.

سلكَ يوحنا في التقوى سنين عديدة. ولمّا تثقل بالمعاناة والمشاق والأتعاب مرض وشعر بِدُنُو أجله، فرجا أحد معارفه المسيحيين أن يُحضِر له كاهناً لكي يُناوله ولكن الكاهن خاف أن يظهر بالقدسات أمام يوحنا لئلا يغيظ الأتراك ويسيئوا إليه وإلى القُدُسات. لكنّه أرسل له تفاحة مُجَوّفة وجعل الجسد والدم في قلبها. على هذا ساهم قدّيسنا في تناول القُدُسات، وأسلم روحه الطاهرة بين الله الحي يوم 27 أيار من العام 1730م كان قد بلغ من العمر الأربعين.

في شهر تشرين الأول من السنة 1733م شَعَّ نور فوق قبر القِدّيس، وقد رآه الكثيرون فانذهلوا. كذلك تراءى في الحلم للأب زوسيما، كاهن بروكوبيو، وقال له: "إن جسده لم يطرأ عليه فساد وأن إرادة الله أن يُنبَش القبر وتُتَّخَذ بقاياه كبركة ومَعونَة. وبالفعل نُبِشَ القبر وأخرِجَت البقايا المُقَدَّسَة فاستبانَت سليمة، كما عَبَقَ في المكان طِيبٌ زكي. نُقِلَ الجسد إلى كنيسة القِدّيس جاورجيوس في بروكوبيو حيث بقي إلى العام 1924م.

وإثرَ عمليَّة تبادل السُكان التي حصلت سنة 1924م بين تركِيّا واليونان، أخذَ المؤمنون معهم جَسَد القِدّيس يوحنا كبركة لهم، وأودعوه في قرية "بروكوبيو الجديدة" في جزيرة إيفيا اليونانية، على بعد 49 كيلو متراً شمال خالكيذا. هذا وتُعزى إلى القديس يوحنا عجائب جمة لا زالت تجري إلى اليوم. من ذلك أنه في العالم 1832م اجتاح عسكر الخزندار أوغلو عثمان باشا بروكوبيو ونهبوا المنازل وجرَّدوا كنيسة القديس جاورجيوس من الأواني الثمينة والتقدمات. ولما عاينوا تابوت القديس يوحنا فتحوه ظانيّن أن في داخله ذهباً. وإذ لم يجدوا شيئاً سوى الجسد جمعوا خشباً وقشاً وأوقدوا ناراً عظيمة في ساحة الكنيسة ورموا الجسد في النار. وفيما هم يتلهون حول النار انتصب القديس فجأة وسط النار وكأنه عاد حيّاً. وكانت ألسِنَة النار تُحيطُ بالجسد ولا تحرقه. فلما رأوا العثمانيين ذلك فروا هاربين تاركين وراءهم كل ما سرقوه من الكنيسة. فلما كان اليوم التالي جاء شيوخ وأعادوا الجسد الذي لم يتأثر بالحريق إلى التابوت. ولا يزال جسه إلى اليوم هناك مصدر بركة ونعمة لكافة زائريه.

فبصلوات قِدّيسيك أيها الرّب يسوع المسيح إلهناارحمنا وخلصنا – آمين‬

المسيح قام...حقاً قام

Previous
Previous

فيديو - الاغتصاب

Next
Next

بحضور رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة حضرة القسّ الدكتور بول هايدوستيان