يوبيل الشبيبة في روما: واحة إيمان وفرح إلهي
في يومهم العالمي، تحيّة محبّة ورجاء إلى جميع شباب العالم!
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
صرخة محبّة وأخوّة وسلام... صرخة رجاء وإيمان... صرخة فرح سماوي عكسها مئات آلاف الشبيبة الّذين توافدوا من كلّ أسقاع الأرض إلى مدينة روما، حاملين في قلوبهم الكثير من الأمل والحياة. جاءوا كرسل للمسيح من مختلف البلدان والمجتمعات ليتّحدوا معًا في الصلاة ويعيشوا الرجاء نفسه ويؤكّدوا بروح واحدة على أنّ ما يوحّدهم هو اسم واحد، اسم يسوع المسيح.
أنظار العالم أجمع اتّجهت في الفترة الأخيرة نحو روما الّتي شهدت على حدث كنسي عالمي تجلّى بيوبيل الشبيبة ضمن إطار السنة اليوبيليّة للكنيسة الكاثوليكيّة. يوبيل لم يكن مجرّد لقاء شبابي عالمي وإنّما شكّل واحة صلاة وإيمان وأخوّة تجسّدت باحتفالات روحيّة وصلوات مختلفة.
توّج اللّقاء بكلمات الحبر الأعظم قداسة البابا لاون الرابع عشر الّذي دعا الشبان والشابات إلى أن يكونوا نورًا ورجاء وشهودًا لسلام المسيح وللمصالحة، طالبًا منهم أن ينقلوا عدوى حماسهم وشهادة إيمانهم.
اختُتم يوبيل الشبيبة قبل أيّام من اليوم العالمي للشباب الّذي حدّدته الأمم المتّحدة ضمن رزنامتها العالميّة في 12 آب/ أغسطس من كلّ سنة. هذا اليوم الّذي يشدّد على ضرورة إعلاء صوت الشبيبة وتطوير مهاراتهم رغم كلّ التحدّيات الّتي تحيط بهم. لكن هل من أحد يصغي إلى حاجات الشبيبة وهواجسهم؟ وهل أحد يلحظ مدى فرحهم بالصلاة والعمل معًا؟
فرح لامنتاهي
في الحقيقة، شكّل الفرح مصدر إلهام وقوّة للكثير من الشباب حول العالم. من هنا، تمنّى قداسة البابا لاون الرابع عشر من المشاركين في يوبيل الشبيبة أن يتمكّنوا وبعد عودتهم إلى بلادهم من أن يملئوا أرضهم بالفرح وبقوّة الإنجيل. وهذا ما شدّد عليه العديد من البابوات السابقين في تأمّلاتهم وخطاباتهم وتعاليمهم.
اعتبر قداسة البابا يوحنّا الثالث والعشرون أنّ الفرح يكمن في خلاص يسوع المسيح، فقال في إحدى رسائله: "لقد وُلد لنا مخلّص، إنّه الربّ يسوع المسيح. وفي ذلك يكمن سرّ السعادة الحقيقيّة، الّتي لا يمكن أن يجدها الإنسان في ضوضاء هذا العالم وفي الأمور الدنيويّة. إنّها سعادة لا يقضي عليها أي شيء، بما في ذلك الضيقات، إنّه فرح أن ندرك أنّنا مخلصون، وبأنّ يسوع هو أخونا، إنّه طيب ويحبّنا، وقد جعلنا مشاركين في طبيعته الإلهيّة، ورفعنا إلى الشركة مع حياة الله".
بدوره، رأى قداسة البابا بندكتس السادس عشر أنّ الفرح يأتي من خلال التجدّد الداخلي ولفت في إحدى كلماته إلى أنّ "ثمّة أشخاصًا كثيرين يفتقرون إلى الفرح الحقيقي والأصيل، لكنّهم يستطيعون أن يجدوه من خلال التجدّد الداخلي"، مشيرًا إلى أنّه يفكّر "بمن فقدوا معنى الفرح الأصيل، ويبحثون عنه حيث لا يمكن أن يجدوه... الدعوة إلى الفرح ليست بمثابة علاج تخفيفي عقيم، بل هي نبوة مرتبطة بالخلاص، وهي دعوة إلى التجدّد من الداخل".
من جهّته، شدّد قداسة البابا فرنسيس على أنّ "الرسالة المسيحيّة هي إعلانٌ لفرح عظيم، هذا الفرح المتّصل بشخص يسوع الّذي هو الفرح الحقيقي، مشدّدًا على ضرورة أن يكون الفرح الصفة الّتي تميّز نمط حياة كلّ مسيحي ودعا المؤمنين إلى إعلان المسيح على الآخرين بفرح لأنّه بغياب الفرح لا نستطيع أن نحمل هذه البشرى للآخرين".
متّحدون في الفرح
في عصر تظلّله الأزمات والصراعات اللّامتناهية ووسط عالم غارق بالحروب وخطاب الكراهية والعنف... هل يبقى للفرح مكان؟ وماذا عن شبيبة البلدان الّتي تعاني من النزاعات؟
في ختام القدّاس الإلهي الّذي ترأّسه قداسة البابا لاون الرابع عشر في تور فيرغانا مختتمًا يوبيل الشباب وقبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي وجّه الحبر الأعظم كلمة عبّر فيها عن مدى قربه من جميع الشباب حول العالم لا سيّما الشبان والشابات الّذين يواجهون تحدّيات جمّة خارجة عن إرادتهم، تحدّيات قد تحجب فرحهم الّذي لا يريدون التخلّي عنه.
في هذا السياق، قال الأب الأقدس: "في شركة مع المسيح، سلامنا ورجاؤنا من أجل العالم، نقترب أكثر من أي وقت مضى من الشباب الّذين يعانون من أسوأ الشرور الّتي يتسبّب بها بشرٌ آخرون. نحن مع شباب غزّة، نحن مع شباب أوكرانيا، ومع كلّ شاب في أرضٍ تنزف دمًا بسبب الحرب. إخوتي وأخواتي الشباب، أنتم العلامة على أنّ عالمًا مختلفًا ممكن، عالم الأخوّة والصداقة، حيث لا تُحلّ النزاعات بالسلاح، بل بالحوار".
متابعة الشبيبة من قبل الكرسي الرسولي لن تتوقّف عند يوبيل الشباب وإنّما الفاتيكان ما زال يسير مع شبان وشابات العالم في رحلة حجّ وصلاة من أجل مساعدتهم على تعزيز رجائهم وترسيخ إيمانهم أينما حلّوا.
رحلة الحجّ هذه تحمل في جديدها شعار "تشجّعوا: أنا غلبتُ العالم!" (يوحنّا 16 -33)، وستقود الشبيبة إلى آسيا، إلى موعد شبابي جديد للقاء الحبر الأعظم والاحتفال باليوم العالمي للشباب في سيول – كوريا، وذلك من 3 إلى 8 آب/ أغسطس 2027.
وعلى الرغم من كلّ المبادرات الّتي تسعى إلى مرافقة الشبيبة ودعمهم، يعيش الشباب اليوم في مجتمع يوجّه لهم الاتّهامات والتعليقات السلبيّة الّتي تدخلهم في دوّامة من اليأس والقلق... فمنهم من يعتبر الشباب غير مؤهّل أو جاهز لبناء مستقبل أفضل... ومنهم من يجدهم عنصرًا بعيدًا عن الكنيسة والصلاة والرجاء...
الأهمّ اليوم هو أنّ الشبيبة تتمسّك برجائها وتعتبر أنّ إرادة الحياة هي الأقوى!