عيد رقاد والدة الإله: إنتقال من الموت إلى الحياة

عقيدة إيمانيّة وتقاليد كنسيّة

English

إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

مريم العذراء، والدة الإله، أمّ الحياة وملكة السلام. هي إبنة الآب وأمّ الإبن وعروس الروح القدس. هي مصدر كلّ رجاء وتعزية، فإليها تخصّص الكنائس أصوام وصلوات وتماجيد تكرّمها وتعلن قدس مجدها لأنّه بواسطتها تحقّق تصميم الآب الخلاصي.

ومع والدة الإله وأمّ النور يظهر سرّ عظمة الحبّ الإلهي اللّامنتاهي ويتجسّد في رقادها وانتقالها إلى الهيكل السماوي بالنفس والجسد ليتحقّق فيها عمل الفداء الإلهي على أكمل وجه. مريم العذراء بحسب التقاليد الكنسيّة لم تختبر فساد القبر بل صعدت إلى مجد الآب السماوي لتكلّلها الملائكة ملكة على العرش السماوي.

في عيد رقاد والدة الإله وانتقالها إلى السماء في 15 آب/ أغسطس من كلّ سنة، تجتمع العائلات الكنسيّة في الصلاة والتأمّل والتضرّع والتكريم. عيد أصبح بمثابة محطّة روحيّة سنويّة ينتظرها المؤمنون في المنطقة والعالم رافعين تماجيدهم ودعائهم إلى أمّهم، أمّ يسوع، فتُقام للمناسبة الاحتفالات اللّيتورجيّة والتقليديّة والتراثيّة الّتي تحمل الكثير من الفرح والرجاء والسلام.

لكن ماذا تقول التقاليد الكنسيّة عن عيد رقاد والدة الإله؟ وماذا تقدّم ليتورجيّة العيد؟

 

في الكنيسة الأرثوذكسيّة، تشير المصادر إلى أنّ انتقال مريم، والدة الإله، مذكور في كتابات عديدة للقدّيس يوحنّا الإنجيلي والقدّيس مليتون أسقف صردة والقدّيس ديونيسيوس الأريوباغي، تعود إلى القرن الخامس للميلاد. كما يُذكر موضوع انتقال مريم العذراء في عظات للعديد من القدّيسين مثل أندراوس الكريتي ويوحنّا الدّمشقي وجرمانوس القسطنطيني وثيودوروس الستوديتي وغريغوريوس بالاماس.

أمّا العناصر الأساسيّة للعيد فتعبّر عنها الخدمة اللّيتورجيّة الّتي تشير إلى أنّ "والدة الإله ذاقت الموت، رقدت، وأودعت القبر، لكنّها لم تعرف فسادًا لأنّها انتقلت إلى السماء". وهذا ما هو مذكور في كاثسما سَحَر العيد: "أمّا في ميلادك فحبل بغير زرع، وأمّا في رقادك فموت بغير فساد"، وفي الأودية التاسعة من صلاة السَحَر: "إنّ المولد بتولي والموت قد صار عربونًا للحياة".

في هذا الإطار، صلوات أرثوذكسيّة كثيرة تعبّر عن مدى عمق عيد رقاد والدة الإله، فصلاة غروب العيد تشرح في مضامينها أنّ العذراء انتقلت من حياة إلى حياة، ومن الأرض إلى السماء، وجاء انتقالها "بتمجيد وبحال تفوق الوصف على يديّ ابنها وسيّدها".

 

في الكنيسة الكاثوليكيّة، حدّد قداسة البابا بيوس الثاني عشر عيد انتقال العذراء إلى السماء عقيدة إيمانيّة وأعلن عنها في العام 1950 حين قال: "نؤكّد ونعلن ونُحَدّد عقيدة أوحى بها الله وهي أنّ مريم أُمّ الله الطاهرة مريم الدائمة البتوليّة، بعدما أتمّت مسيرة حياتها على الأرض، رفعت بالنفس والجسد إلى المجد السماوي".

تعتبر الكنيسة، وفق المصادر، أنّ "مريم هي حوّاء الجديدة، فهي موازية للمسيح آدم الجديد. إتّحدت مريم اتّحادًا وثيقًا بآدمم الجديد في محاربة العدو الجهنمي، فكان لا بُدَّ من أن تنتهي الحرب الّتي خاضتها مريم متّحدةً مع إبنها بتمجيد جسدها البتولي، والإنتقال من هذا العالم بالنفس والجسد".

وبحسب سنكسار الكنيسة الانطاكيّة المارونيّة، ماتت العذراء بين أيدي الرسل بعمر يقارب الـ 72 سنة، ويُقال أنّها دُفنت قرب بستان الزيتون حيث نازع يسوع. ويشرح السنكسار أنّ مريم هي شريكة يسوع بفداء الإنسان، وهي اختبرت مثله الطبيعة البشريّة من دون الخطيئة فموتها يجعلها أكثر تشبّهًا بالإنسان. كما أنّ مريم هي شفيعة الحياة الصالحة والميتة الصالحة، فلم تخضع مثل ابنها لفساد الموت.

 

في عيد رقادك، نسألك يا والدة الإله الّا تعرضي عن توسّلاتنا فنسألك أن تتشفّعي إلى ابنك يسوع المسيح، ربّ الأكوان وفادي الإنسان، كي ينقذنا من موت الخطيئة وينقلنا إلى الحياة، بما أنّك ولدت الإله، أيّتها المباركة وحدك.

Previous
Previous

فيديو - طروباريّة رقاد والدة الإله

Next
Next

فيديو - قديس اليوم 14 آب/ أغسطس: القديس مركلّس