نحو اجتماع الشركاء في المسكونية

English

البروفسور ميشال عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

يلتئم الأسبوع القادم في الربوة الاجتماع الشبه سنوي لشركاء مجلس كنائس الشرق الأوسط في العائلة المسكونية العالمية.

يضم هذا الاجتماع عددا كبيرا من شركاء المجلس في الاسرة المسكونية الدولية، وهي كنائس او مؤسسات تابعة للكنائس، تعمل في مجال التنمية والحوار والتربية والبيئة وسائر المجالات التي تهم انسان الحداثة في حياته بكل ابعادها.

هذه المؤسسات، التي تفد الى الشرق الأوسط من شتى انحاء العالم، هي على شراكة تامة مع بعضها البعض ضمن الحركة المسكونية العالمية، والتي تتوسع رقعتها تدريجيا وأصبحت تشمل المئات من الكنائس والمؤسسات، ومئات الملايين من المسيحيين، الذي اختاروا المسكونية نمط ايمان وتفاعل بين بعضهم البعض، ومع سائر المجتمع.

لمجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي تمتد عراقته في هذا المجال الى مدى نصف قرن، حضور لافت ومميز ضمن هذا المجموع المسكوني الجميل والمتماسك مع بعضه البعض، في مسار تضامني عالمي مع كافة قضايا الإنسانية المعذبة وثقيلي الاحمال.

لا بد بداية، من إعطاء لمحة عن التركيبة المؤسسية لهذه الحركة المسكونية.

رأس هرمها هو مجلس الكنائس العالمي، الذي يضم كل الكنائس التي اعتنقت المسكونية كمقاربة بين المؤمنين، وهو بذلك يشكل مرجعا يتطلع اليه الناس للوقوف على رأيه في شتى القضايا المطروحة في العالم، وهو، منذ تأسيسه، في مسيرة حج نحو العدالة والسلام، اللتان تشكلان القيم الاستراتيجية لتوجهاته.

تليه رابطة الكنائس تعمل معا، أي الأكت الليانس، وهي تضم كافة الهيئات التنموية التابعة للكنائس المسكونية، وتعوّل الكنائس وهيئات التنمية على دعمها المادي والتقني من اجل القيام بكافة المشاريع التي تساعد مجتمعاتهم على النمو وتخطي صعوباتهم.

الجدير ذكره ان الرابط بين هاتين المؤسستين عضوي، وكلتاهما معنيتان بكافة القضايا الإنسانية في العالم ولا تترددان بتاتا في دعم القضايا المحقة، وبشكل دؤوب.

اما بالنسبة الى مجالس الكنائس في العالم، فان لكل منطقة مجلس مسكوني خاص بها، كما هي الحال في مجلسنا الذي يضم الى عضويته كل كنائس الشرق الأوسط، كذلك هي الحال في افريقيا، وأسيا، والولايات المتحدة، وأميركا اللاتينية، وكافة مناطق العالم حيث يوجد كنائس اعتمدت المقاربة المسكونية في علاقاتها مع باقي الكنائس وكافة مكونات المجتمع.

لهذه الاسرة المسكونية الدولية مبادئ وتوجهات ومنهجيات عمل منسجمة مع مجلس الكنائس العالمي والأكت الليانس، ولا مجال للدخول فيها في هذه المقالة، ولكن ما يتوجب لفت النظر اليه هو ان الثقافة المسكونية قد عمّت العالم وهي في تجدد دائم، وتكثر اليوم المقالات حول المسكونية الجديدة التي تشكل حقلا بحثيا وتطبيقيا جديدا يحمل الكثير من الوعود والآمال.

علاقة مجلس كنائس الشرق الأوسط مع شركائه المسكونيين علاقة وثقى، قائمة على تفاعل في العمق يعود الى نصف قرن، وثقة متبادلة قائمة على مصداقية المجلس، المستندة الى فعالية الأداء وشفافية التنفيذ. ولكن الأهم من ذلك يبقى هذا التفاعل على الصعيد الفكري، القائم على حوار مستدام وصادق حول مختلف القضايا المطروحة على الساحة الشرق أوسطية والعالمية.

عبر هذا التاريخ المشترك الذي جمع المجلس وشركائه المسكونيين، ترعرعت ثقافة مشتركة، ونما تماسك صلب، يجعلون ان يكون تكامل بين المجلس وشركاءه، حتى ليصبحوا كيانا واحدا مهمته نشر القيم المشتركة والتعامل مع متطلبات المرحلة، المادية والمعنوية، مثل دعم المشاريع او مساندة القضايا المزمنة او المستجدة.

اجتماعنا الأسبوع القادم، سوف يكون ساحة تلاقٍ وتفاعل، تتجدد عبرها الرؤية المشتركة للأمور، حيث ستشارك فيه مرجعيات سياسية ودينية وثقافية من كلا الطرفين، الشرق اوسطي والدولي. سوف يشكل اجتماع الشركاء الأسبوع القادم منبرا فكريا تطرح فيه شؤون المنطقة إضافة الى شؤون المجلس، برامجُه واستدامة عمله.

اجتماع الشركاء الأسبوع القادم سوف يثبت مرة أخرى ان الكرمة التي زرعها السيد خلال تجسده على الأرض، ما زالت متجددة تغطي العالم بظلالها، تبلسم جراح المكلومين، الجسدية والروحية، وتعطي املاً متجددا لبني البشر.

ربي، أعطنا ان نحسن استعمال الوزنات التي استودعتنا إياها!  

Previous
Previous

تذكار ميلاد والدة الاله الفائقة القداسة والدائمة البتولية مريم

Next
Next

طاولة مستديرة حول الحريّات الدينيّة الدوليّة في لبنان والشرق الأوسط