الوداع الأخير للبابا فرنسيس: رسالة إنسانيّة سامية
العالم أجمع بانتظار الدخان الأبيض والعدّ العكسي لإعلان إسم البابا الجديد قد بدأ!
الصور: فاتيكان نيوز
خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
الملائكة تهلّل وأجراس الكنائس تدقّ حول العالم... صلوات وتراتيل تُرفع ورائحة البخور تفوح في كلّ بقعة من الأرض. هل هو فرح أم حزن؟ هل نحزن أمام رحيل بابا الرحمة والسلام أو نفرح على الإرث الّذي تركه؟ بالطبع إنّه عرس سماويّ... البابا فرنسيس يدخل ملكوت الربّ متمّمًا رسالة إنسانيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. ويا ليت إنسانيّة البابا تُدرّس في المدارس والجامعات والمجتمعات الّتي يفتقد إنسانها إلى إنسانيّته.
عرس سماوي يقابله عرس مسكوني على الأرض، في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان... هذه الساحة الّتي كانت حشود من الحجّاج تتوافد إليها لالتماس بركة قداسته. لكن المشهد هذه المرّة مختلف جدًّا... حزن ممزوج بفرح القيامة، وهكذا شاءت الإرادة الإلهيّة أن ينتقل قداسة البابا فرنسيس إلى أحضان الآب في إثنين الباعوث، في زمن قيامة الربّ.
تواضع وبساطة
المشهد اختلف هذه المرّة، وساحة القدّيس بطرس غصّت بالمؤمنين لالتماس البركة الأخيرة من البابا في وداعه الأخير يوم السبت. أكثر من 250 ألف شخص من مختلف دول العالم، اجتمعوا تحت شمس الفاتيكان للمشاركة في مراسم جنازة البابا فرنسيس.
ملوك ورؤساء دول وقادة ورؤساء كنائس وشخصيّات من كلّ مجالات الحياة ووفود رسميّة وكنسيّة وشبابيّة رفعوا صلواتهم. ناهيك عن توافد أكثر من 150 ألف شخص آخرين إلى شوارع روما، ومئات آلاف الناس سمّروا أمام الشاشات.
محور لقاء الرجاء هو حامل رجاء المسيح إلى العالم أجمع... البابا فرنسيس الّذي اختار أن يتخلّى عن المماراسات والتقاليد المتّبعة منذ قرون في دفن الباباوات، وُضع في نعش خشبي مبطّن بالزنك وفق ما أراد وعلى عكس ما جرت العادات الفاتيكانيّة. هذا وألغى قداسته إحدى التقاليد الّتي تقضي بعرض جثمان البابا على منصّة مرتفعة، تُعرف باسم "النعش العالي" أو "السرير الجنائزي".
كما يُعتبر البابا فرنسيس أوّل بابا يتمّ دفنه خارج الفاتيكان منذ أكثر من قرن، وذلك في كنيسة القدّيسة مريم الكبرى في روما الّتي تبعد نحو أربعة كيلومترات عن كنيسة القدّيس بطرس. وكان قداسته قد طلب في وصيّته أن يُكتب على قبره كلمة "فرانسيسكوس" فقط.
آفاق للمستقبل
جنازة البابا تحمل الكثير من العظمة الّا أنّها تحمل أيضًا الكثير من التواضع وما أعظم هذا التواضع! تواضع كسر كلّ التقاليد البروتوكوليّة وانتصر على كلّ الاحتفالات والمظاهر الرسميّة الّتي قد يفضّلها بعض القادة والرؤساء العالميّين. لكن هل بساطة الجنازة شكّلت دروسًا جديدة للمستقبل؟
سؤال مشروع والإجابة تبقى قيد الإنتظار فمراسم الجنازة حملت رسالة إنسانيّة مهمّة للغاية. آملين أن تثمر هذه الرسالة نتائجها قريبًا في عالم يتوق إلى العدالة والسلام والأخوّة.
الدخان الأبيض
مقابل الصلوات اليوميّة والقداديس الّتي تُقام في الفاتيكان وكلّ دول العالم لراحة نفس الحبر الأعظم خصوصًا في فترة الحداد الّتي أعلن عنها الفاتيكان والممتدّة لمدّة 9 أيّام بدءًا من يوم الجنازة، تشخص أنظار العالم إلى مسألة فاتيكانيّة تدخل المشهد العام وترقّب بانتخاب بابا جديد. متى سيتصاعد الدخان الأبيض من أعلى كنيسة السيستين؟
فيما العالم ينتظر المرحلة الفاتيكانيّة المقبلة، أسئلة كثيرة تدور في أذهان المؤمنين، من هو الإسم الأكثر حظًّا؟ ما هي ميّزات شخصيّة المُنتخب؟ وما هي القضايا الّتي سيحملها؟...
في الوقت الراهن، إجراءات كثيرة يقوم بها الفاتيكان إستعدادًا لعمليّة الانتخاب. وها هم الكرادلة المجتمعون في الجمعيّة العامة الخامسة قد حدّدوا تاريخ بداية الكونكلاف وذلك في السابع من أيّار/ مايو المقبل.
وبحسب الفاتيكان، شارك في الجمعيّة العامة نحو 180 كاردينالًا، من بينهم نحو مئة من الكرادلة من أصحاب حقّ الإنتخاب. كما تمّ اختيار الكرادلة راينهارد ماركس، ولويس أنطونيو تاغل، ودومينيك مامبيرتي لتشكيل لجنة تساعد الكاردينال كيفن فاريل، الكامرلنغو، في الإدارة العاديّة.
أمّا جدول أعمال الإجتماع فتضمّن البحث في أوضاع الكنيسة وعلاقتها بالعالم، التحدّيات الراهنة، والصفات الواجب توفّرها في الحبر الأعظم الجديد، إضافةً إلى البشارة، والعلاقات مع الديانات الأخرى، والعديد من القضايا المختلفة، على أن يواصل الكرادلة اجتماعاتهم صباح كلّ يوم حتّى السادس من أيّار/ مايو، باستثناء يوم الخميس الأوّل من أيّار/ مايو والأحد الرابع من أيّار/ مايو.
مهمّة الانتخاب دقيقة للغاية والجديّة في مراجعة الملفّات والشخصيّات المرشّحة أساسيّة جدًّا خصوصًا وأنّ العالم أجمع يمرّ بتحدّيات جمّة جرّاء حروب وصراعات وأزمات تثقل كاهل سكّان الأرض.
البابا الجديد رسالته ليست سهلة، فالعبء سيكون كبيرًا عليه لا سيّما وأنّ الإنسانيّة تعاني من كلّ حدب وصوب.
العدّ العكسي لإعلان الخبر السار قد بدأ!