دير مار مارون عنّايا، مزار سيّدة لبنان حريصا ومستشفى راهبات الصليب

ثلاثة مواقع تاريخيّة سيزورها قداسة البابا لاون الرابع عشر ضمن برنامجه في لبنان

ما هي ميّزاتها والمحطّات الّتي مرّت بها؟

English

إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

العد العكسي للّقاء الرجائي قد بدأ! من حاضرة الفاتيكان يحمل قداسة البابا لاون الرابع عشر سلامه متوجّهًا إلى لبنان الّذي ينتظره بشوق وإيمان. يأتي الحبر الأعظم إلى وطن الأرز في زيارة تاريخيّة يستعدّ لها اللّبنانيّون بقلوب مُفعمة بالفرح والصلاة.

زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر تحت شعار "طوبى لفاعلي السلام"،  ليست سوى علامة رجاء في زمن يعيش فيه لبنان أوقات صعبة. زيارة ستؤكّد أنّ نور المسيح يبدّد فعلًا الظلمات الدنيويّة.

ومع اقتراب الموعد المنتظر، ما زالت التحضيرات الكنسيّة والأمنيّة واللّوجستيّة مستمرّة على قدم وساق لاستقبال قداسة البابا بجهوزيّة كاملة بين 30 تشري الثاني/ نوفمبر و2 كانون الأوّل/ ديسمبر.

برنامج البابا في لبنان يتضمّن محطّات عديدة سيتّحد فيها قداسته مع اللّبنانيّين بالصلاة على نيّة إحلال السلام وإحقاق الحقّ والعدالة، ومن أجل الإنسان وكلّ إنسان على هذه الأرض. واللّافت في برنامه هو زيارته ضريح القدّيس شربل في دير مار مارون – عنّايا، مزار سيّدة لبنان – حريصا، ومستشفى راهبات الصليب – جلّ الديب. ثلاثة مواقع تحمل في أجنحتها تاريخًا عريقًا من الإيمان والخدمة والمحبّة.

 

دير مار مارون – عنّايا

جاءت فكرة تأسيس دير مار مارون – عنّايا في العام 1820 بقرار من الرهبنة اللّبنانيّة المارونيّة وانطلقت أعمال بنائه في العام 1828 وهي سنة ولادة القدّيس شربل. أمّا في العام 1829 فقد تأسّس الدير وتولّى رئاسته الأب سركيس القرطباوي، ثمّ الأب يوحنا القعقوري.

محطّات تاريخيّة أخرى شهدها الدير، ففي العام 1838 انتُخب الأب عمّانوئيل الشبابي رئيسًا عامًّا، وقرّر مع مجمع مدبّريه متابعة بناء الدير، واختاروا الأب ليباوس التنّوري رئيسًا له. وفي 8 أيّار/ مايو 1839، استُكْملت أعمال البناء حتّى 20 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1841.

وفي العام 1965، أُعلن شربل مخلوف طوباويًّا، وبنت الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة كنيسة جديدة من أجل استقبال الأعداد الكبيرة من المؤمنين الوافدين إلى عنّايا. وفي العام 1974، دُشّنت الكنيسة الجديدة الّتي أُنشئت على اسم القدّيس شربل غرب الدير.

علمًا أنّ دير مار مارون - عنّايا أصبح مزارًا عالميًّا يحجّ إليه الآلاف من كلّ المناطق والدول حول العالم، للصلاة أمام ضريح القدّيس شربل بسلام داخلي إلهي، والتماس بركات سماويّة ونِعَم لامتناهية.

 

مزار سيّدة لبنان – حريصا

ولدت فكرة إنشاء مزار "سيّدة لبنان" في اليوبيل الخمسيني لـ"عيد الحبل بلا دنس"، حيث قرّر البطريرك الماروني الياس الحويك والقاصد الرسولي المطران كارلوس دوفال إنشاء أثر ديني تخليدًا لهذه المناسبة. من هنا، تقرّر بناء تمثال كبير للعذراء حاملًا لقب "سيّدة لبنان" على المزار، وذلك دلالة على تكريم اللّبنانين للسيّدة مريم. 

وُضع حجر الأساس في تشرين الأوّل/ أكتوبر 1904 على موقع اسمه "الصخرة" ويقع على قمّة تلّة حريصا. هذا وقد كلّف البطريرك الحويك إبراهيم مخلوف بتنفيذ المشروع، فتمّ في العام 1907 بناء المعبد وقاعدة التمثال. علمًا أنّ تكلفة بناء المعبد وتشييد التمثال بلغت حوالي خمسين ألف فرنك ذهبي.

يتوجّ المعبد بتمثال كبير لمريم والدة الإله وسيّدة الحبل بلا دنس، ويضمّ مذبحًا حجريًّا مربّع الشكل، بقربه تمثال العذراء أمّ النور، مصنوع من خشب الأرز، إضافة إلى بيت قربان حُفرت عليه أرزة يتوسّطها صليب فوق عناقيد عنب.أمّا تمثال "سيّدة لبنان"، فقد صُنع من مادّة البرونز في أحد معامل مدينة ليون الفرنسيّة، يبلغ طوله ثمانية أمتار ونصف المتر، قطره خمسة أمتار، ووزنه خمسة عشر طنًّا.

في 31 أيّار/ مايو 1970، وُضع حجر أساس بازيليك "سيّدة لبنان" على يد البطريرك الماروني مار بولس بطرس المعوشي، وذلك انطلاقًا من ضرورة بناء كنيسة كبيرة تستوعب حشود كبيرة من المؤمنين. واستوحي تصميم البازيليك من شكل الأرزة اللبنانيّة والسفينة الفينيقيّة.

على مرّ التاريخ، شكلّ مزار "سيّدة لبنان" حريصا واحة إيمان ورجاء، ملجأ في المحن والصعاب، وموقع تلاق لكلّ الطوائف والأديان.

 

مستشفى راهبات الصليب – جلّ الديب

"إنّ سعادة الإنسان ليست في المال الّذي يملكه بل في الخير الّذي يصنعه"، لم تكن هذه الكلمات للطوباوي الأب يعقوب الكبّوشي مجرّد أقوال وعبارات وإنّما تجسّدت فعلًا وعملًا عبر الخدمة والعطاء ومحبّة كلّ قريب وغريب.

الأب يعقوب الكبّوشي هو مؤسّس دير الصليب في العام 1919، وقد حوّله إلى مأوى في العام 1937. أمّا في العام 1951، فأنشأ مستشفى الصليب للأمراض العقليّة والنفسيّة الّذي يسعى إلى خدمة كلّ إنسان من دون تمييز ديني أو عرقي أو ثقافي.

أراد الأب يعقوب أن يحمل الدير إسم الصليب لأنّ الصليب كان حجر الزاوية في قلبه وفيه وجد سلامه وفخره. من هنا، كان قد علّم راهبات الصليب أنّ يتوجّهن في صلاتهنّ نحو المصلوب وفي خدمتهنّ نحو كلّ الإنسان.

يستقبل مستشفى الصليب المرضى خلال كلّ أيّام السنة ويُعدّ ملجأ للمتروكين والمظلومين، وفسحة أمل للموجوعين نفسيًّا وعقليًّا حيث تقمن راهبات الصليب ببلسمة جراحهم واحتضانهم بفرح كبير ومحبّة عميقة.

 

هذه المحبّة الّتي يريد قداسة البابا لاون الرابع عشر أن يعكسها في لبنان من خلال زرعه لبذور السلام والرجاء في أرض وطن يتوق إلى سلام حقيقي ومستقبل صحي مُفعم بالراحة والطمأنينة والاستقرار، فماذا بعد هذه الزيارة التاريخيّة؟

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط ومنظّمة "دانمشن" يسهمان في تعزيز الصحّة النفسيّة لدى السيّدات في لبنان

Next
Next

فيديو - المطران يوسف سويف يتحدث عن ابعاد زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان