نحو حقبة جديدة في الاعلام المسكوني
البروفسور ميشال عبس
الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
بعد تجهيز مركز الإنتاج وتأسيس منبر الكلمة في مجلس كنائس الشرق الأوسط، وإطلاق العمل بهما، وبعد تجميع المحفوظات السمعية البصرية العائدة للمجلس والتي هي حصيلة خمسين عاما من العمل، نتوثب اليوم لإطلاق الفضائية والراديو العائدين لمجلس كنائس الشرق الأوسط والذين سوف يكونا صوت الحركة المسكونية، والكنائس الملتزمة بخطها في المنطقة.
ولان الكلمة التي لا تعمم على البشر، لكي تصبح فاعلة في نفوسهم، وتجعلهم أناسا سويين، يحسنون معاملة اخوتهم في الإنسانية، وكأنها لم تكن، كانت فضائية مجلس كنائس الشرق الأوسط والإذاعة التابعة له، بدعم من تيلي-لوميار – نورسات والقيمين المباركين عليها، وبسعي من الذين يحبون الله ويريدون نشر كلمته.
لقد أنجزت تحضيرات الاطلاق، وسوف يعقد المجلس يوم الاثنين القادم مؤتمرا صحفيا إيذانا بانطلاق البث الذي سوف يقتصر على بضع ساعات في المرحلة الأولى، تُكرر عدة مرات يوميا، ريثما يصبح البث متواصلا لمدة أربعة وعشرين ساعة.
الجدير ذكره ان كل هذا العمل قد انجز بكلفة "صفر"، نظرا للدعم الذي حصلنا عليه من المعنيين بالأمر ولتفاني الزملاء في وحدة التواصل والاعلام، الا بارك الله جهودهم وخدمتهم.
اما شبكة البرامج فتتكون من أربعة اقسام هي البرامج العادية، والاخبار، والليتورجيا، وبرامج تنشئة مسيحية ووثائقيات.
تشمل هذه البرامج موضوع الاسرة، وتاريخ الحركة المسكونية في المنطقة، ولقاءات، واخبار الكنائس، ومواقف القيادات الكنسية، واخبار المجلس، وقداديس، وتراتيل، وبرامج التنشئة المسيحية، ووثائقيات.
هذه هي تركيبة الشبكة الأولى، على ان يجري تطويرها حسب توفر الإنتاج واقتراحات المعنيين بالأمر.
في هذا الزمن العصيب، الذي تشهد فيه الإنسانية اضمحلالاً للقيم، وتبخرا للمعايير، وفوضى حياتية ومعنوية جامحة، لا بد للمؤسسات الحاملة والحامية للقيم، ان ترفع الصوت عالياً، وبشتى الوسائل، لعل البشرية تستيقظ من سباتها العميق الذي انتجه مجتمع الاستهلاك والاسراف والبذخ والترف، هذا المجتمع المفسد للأخلاق كما للبيئة على حد سواء.
كلما ارتفع السراج عاليا، كلما اضاء مساحات إضافية من الدار، دار الإنسانية التي ضلت سبل الصواب والاستقامة.
لذلك أردنا ان نكون سراجا إضافيا يسهم في اضاءة سماء البشرية، من منطلق الشهادة المسيحية المشتركة، حيث تلاقت الكنائس في الشرق الأوسط منذ نصف قرن واجمعت على انشاء هذا المكان المشترك المبارك.
سوف تكون فضائية مجلس كنائس الشرق الأوسط صوت الذين كمت افواههم، وسدت حناجرهم، وقطعت ارزاقهم، وهدمت منازلهم، وصودرت اوطانهم، وامتهنت كراماتهم، وارسلوا الى غياهب الريبة والخوف.
صوف تكون هذه الفضائية صوت كنيسة المسيح مجتمعة، كما سوف تكون صوت الانسان-المجتمع في وجه الطائفية والتمييز العنصري وخطاب الكراهية والاستغلال المادي، والقهر المعنوي، وكل ما يحول دون بلوغ الانسان إنسانيته الكاملة.
هذه الفضائية تنطق باسم ابن الانسان، لذلك ترى ان التحدي المعرفي امامها كبير، لأنها تنطق بالحق، والحق في أيامنا عبئ ثقيل، بارك الرب من اضطلع به.