غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: الجنوب ليس مجرّد منطقة من لبنان، بل هو قلبه النابض... صمود الجنوبيّين هو صمود لبنان كلّه

شركة ومحبّة في زيارة رعويّة إلى جنوب لبنان وجولة أبويّة تزرع الأمل رغم كلّ الألم

English

تجدون مجموعة صور في آخر النصّ.

إعلام مجل كنائس الشرق الأوسط

ها هو جنوب لبنان الصامد رغم كلّ الحروب والمآسي... يفرح اليوم ويتهلّل ببشرى سارة تجلّت بزيارة البطريرك الماروني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، غبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الّذي جال في أرضه وزرع الأمل بين أبنائه مؤكّدًا على أهميّة "الشركة والمحبّة"، الشعار الّذي حمله قولًا وفعلًا منذ تولّيه خدمته البطريركيّة.

عاد البطريرك الماروني إلى جنوب لبنان في زيارة رعويّة امتدّت خلال يوم كامل، الأحد 28 أيلول/ سبتمبر 2025، حيث شملت قرى وبلدات عديدة ضمن أبرشيّة صور المارونيّة. رافق غبطته سيادة المطران حنّا علوان وسيادة المطران الياس نصّار وراعي أبرشيّة صور سيادة المطران شربل عبدالله.

زيارة البطريرك الراعي هذه شدّدت على أهميّة البقاء والثبات ومواجهة كلّ الظروف العصيبة بإيمان ورجاء كبيرين. زيارة أكّدت على أنّ الجنوب يحتاج إلى تكاتف جميع أبنائه بكلّ طوائفهم خصوصًا بعد موجة التهجير الّتي طالت بلداته.

 

تعاون وتضامن

بداية الزيارة كانت في بلدة الجرمق حيث أُقيم لغبطته استقبال حاشد أمام كنيسة مار مارون، لينتقل بعدها إلى داخل الكنيسة حيث كانت صلاة خاصّة وكلمات ترحيبيّة وجّهها كلّ من خادم الرعيّة ورئيس البلديّة نبيل شديد. وألقى البطريرك الراعي كلمة شكر ومحبّة أكّد فيها على أهميّة التمسّك بالإيمان والجذور، وقال:"الجنوب نبض لبنان".

وفي جوّ مُفعم بالرجاء، توجّه بعدها غبطته إلى العيشية حيث استقبله حشد من أبناء البلدة في باحة كنيسة السيّدة، لينتقل الجميع إلى داخلها للاستماع إلى كلمات ترحيبيّة ألقاها كلّ من خادم الرعيّة الأب سيمون كسرواني ورئيس البلديّة مرسال عون. أمّا في كلمته، فدعا البطريرك الراعي إلى الثبات في الإيمان والتجذّر بالأرض، ليخُتتم اللّقاء بصلاة مشتركة.

المحطّة التالية كانت في كوبا حيث أشاد البطريرك الراعي في كلمته بتمسّك أهالي البلدة بأرضهم مشدّدًا على أنّه "صمدت بلدة كوكبا، لأنّ عليها أن تعيش وتقاوم دائمًا، لتحافظ على تراثها وأرضها ووجودها". ورفع صلاته من أجل السلام مضيفًا: "الحرب هي ضدّ كلّ البشر، وهي دمار وخراب وتهجير ليس أكثر، لذلك نصلّي من أجل السلام الدائم والعادل للبنان والمنطقة".

من ثمّ، التقى غبطته القيادات الدينيّة في بلدة إبل السقي ليتوجّه بعدها إلى بلدة جديدة مرجعيون حيث أُقيم له استقبال حافل أمام كنيسة سيّدة الخلاص المارونيّة، بحضور سيادة المتروبوليت الياس كفوري، متروبوليت صور وصيدا وتوابعهما للروم الأرثوذكس، فعاليّات اجتماعيّة ورسميّة، وحشود من المؤمنين. وكانت في الكنيسة كلمات ترحيبيّة ألقاها كلّ من كاهن الرعيّة الأب حنّا الخوري ورئيس البلديّة سري غلمية.

 

بقاء وصمود

أمّا المحطّة السادسة فكانت في بلدة القليعة حيث ترأّس غبطة البطريرك الراعي القدّاس الإلهي في كنيسة القدّيس جاورجيوس مشيرًا في عظته إلى أنّ "الجنوب اليوم يذكّر كل لبنان برسالته، ويذكّرنا أنَّ الخلاص كما يقول الإنجيل هو للذين يصبرون ويثبتون حتّى النّهاية".

وتابع "...على الرّغم من كل الخسائر، بقيتم واقفين، متمسّكين بأرضكم وبيوتكم ومؤسّساتكم ومدارسكم وكنائسكم، ودور العبادة. تشهدون أنّ هذه الأرض ليست للبيع، وليست للتّنازل. لقد دفعتم أثمانًا غالية، نعم، لكنّكم أكّدتم بدموعكم وصمودكم أنَّ الجنوب حيّ، وأنَّ لبنان لن يموت. إنَّ دماء شهدائكم وصلواتكم، دموعكم وصبركم هي شهادة إيمان بأنَّ الرّب لا يترك شعبه، ويمنحهم القوّة لبناء ما تهدّم، والنّهوض من جديد".

وأضاف "الجنوب ليس مجرّد منطقة من لبنان، بل هو قلبه النابض. فما يعيشه الجنوب يعيشه كل لبنان. معاناة أهله من الحروب، وخسارتهم للأرواح والبيوت والأرزاق، ونزيف الهجرة، كلّها تعكس أزمة وطن بأسره. لذلك، فإنّ صمود الجنوبيّين هو صمود لبنان كلّه، وتضحياتهم هي تضحيات باسم الأمّة اللبنانيّة كلّها".

ومن القليعة توجّه البطريرك الراعي إلى النبطية حيث زار مدرسة ودير الراهبات الأنطونيّات النبطية والتقى أفراد الهيئتين التعليميّة والإداريّة، وتفقّد آثار الدمار الّذي لحق بمباني الثانويّة جرّاء الغارات الّتي استهدفت محيطها. وتوجّه غبطته بكلمة قال فيها: "نحن حريصون مع الراهبات على بقاء هذه المدرسة، يجب أن تبقى مهما كلّف الأمر، يجب أن تبقى لأنّنا نعيش معًا في لبنان، وهنا يتعلّمون العيش المشترك والإخلاص، كيف يعيشون سويًًّا بمختلف المذاهب والأديان".

بعد ذلك، زار البطريرك الراعي بلدة الكفور حيث ترأّس في كنيستها الصلاة وألقى كلمة قال فيها: "انتم كموارنة وسنة وشيعة، أحيي أنّكم تعيشون هذه الوحدة الوطنيّة هنا في الكفور، حاملين الهم المشترك، هم العودة وهم الخروج من الخراب والدمار وهم اعادة اعمار كل البلدات...".

وبعد زيارة كلّ من بلدتي الكفروه والحجّة، اختتم غبطة البطريرك الراعي زيارته الرعويّة ضمن أبرشيّة صور المارونيّة - جنوب لبنان، في بلدة العدوسيّة حيث أقيم لقاء داخل الكنيسة تخلّله ترتيلة خاصّة، كلمات ترحيبيّة، وكلمة للبطريرك الراعي الّذي عبّر عن امتنانه "لثبات أهل الجنوب في أرضهم رغم التحدّيات"، مؤكّدًا أنّ "صمود هذه القرى هو شهادة إيمان وولاء للوطن".

 

زيارة غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى جنوب لبنان جملت معها الكثير من الفرح والرجاء والتأكيد على ضرورة التكاتف والتعاون وبناء الجسور بين جميع الطوائف ومكونات المجتمع في سبيل العمل معًا من أجل النهوض بلبنان وبناء مستقبل واعد لجميع أبنائه.

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط يختتم دورة التصميم الغرافيكي لفريق عمله بتوزيع شهادات مشاركة

Next
Next

موسم الخليقة يُختتم عبر احتفاليّة صلاة عالميّة عن بُعد