غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا في رسالة إلى أبناء أبرشيّة البطريركيّة اللاتينيّة في القدس

english

رقم: (1) 2291/2025 

إلى أبناء أبرشيّة البطريركيّة اللاتينيّة في القدس 

الإخوة والأخوات الأعزاء، 

منحكم الرب سلامه! 

منذ عامين والحرب تستنزف معظم انتباهنا وطاقتنا. والوضع المؤسف في غزة أصبح معروفًا للجميع: مجازر متكرّرة بحق المدنيين، مجاعة، نزوح متواصل، صعوبات في الوصول إلى المستشفيات والرعاية الطبية، وانعدام الظروف الصحية، دون أن ننسى الذين أُسِروا خارجا عن إرادتهم.  

نحن ننتظر اللحظة التي ستفرح فيها عائلات الرهائن، الذين سيتمكنون أخيرًا من احتضان أحبائهم. ونتمنى الشيء نفسه للأسرى الفلسطينيين المحررين الذين سيتمكنون من معانقة ذويهم. نفرح بشكل خاص من أجل نهاية الأعمال العدائية، التي نأمل ألا تكون مؤقتة، وأن تجلب الراحة لسكان غزة. 
نفرح أيضًا من أجلنا جميعًا، لأن النهاية المحتملة لهذه الحرب الرهيبة، التي يبدو أنها باتت قريبة فعلاً، قد تمثل بداية جديدة للجميع، ليس فقط [للإسرائيليين] والفلسطينيين، بل أيضًا للعالم بأسره. 

ومع ذلك، يجب أن نبقى واقعيين. لا يزال هناك الكثير مما يجب تحديده لضمان مستقبل آمن ومطمئن لغزة. 
إن وقف الأعمال العدائية هو فقط الخطوة الأولى – الضرورية والأساسية – في مسار مليء بالتحديات، في سياق لا يزال معقّدًا ومضطربًا. 

ولا يجوز أن ننسى أيضًا أن الوضع في الضفة الغربية يستمر في التدهور. فالمشاكل اليومية التي يواجهها شعبنا أصبحت شأنا عاديّا، خاصة في القرى الصغيرة التي تزداد حصارًا واختناقا بسبب هجمات المستوطنين، من دون حماية كافية من السلطات الأمنية. 

بعبارة أخرى، لا تزال المشاكل كثيرة. وسيبقى الصراع لفترة طويلة جزءًا لا يتجزأ من الحياة الشخصية والجماعية لكنيستنا. في كل قرار نتخذه بشأن حياتنا، حتى أبسطها، علينا دائمًا أن نأخذ في الاعتبار الديناميكيات المعقدة والمؤلمة التي يسببها هذا الصراع: هل الحواجز مفتوحة؟ هل لدينا التصاريح اللازمة؟ هل ستكون الطرق سالكة؟ هل سنكون في أمان؟ 

كما أن غياب الوضوح بشأن المستقبل يزيد من الشعور بالضياع ويعزّز الإحساس بعدم الثقة. ولكن، هنا بالضبط، نحن مدعوون ككنيسة إلى أن نقول كلمة رجاء، وأن نتحلّى بالشجاعة لرواية تفتح آفاقًا، وتبني بدلاً من أن تهدم، سواء في اللغة التي نستخدمها أو في الأفعال والأعمال التي نقوم بها. 

لسنا هنا لنقول كلمة سياسية، ولا لنقدّم قراءة استراتيجية للأحداث. العالم مليء بمثل هذه القراءات، التي نادرًا ما تغيّر الواقع. ما يهمّنا، بدلاً من ذلك، هو رؤية روحية تساعدنا على الثبات في الإنجيل. هذه الحرب، في الواقع، تستجوب ضمائرنا، وهي ليست مصدرا لتأملات سياسيّة فقط، بل وروحيّة أيضًا. إن العنف المفرط الذي نشهده لا يدمّر أرضنا فقط، بل ويدمّر أيضًا النفس البشرية لدى الكثيرين، في الأرض المقدسة وفي العالم أجمع. إن الغضب، والحقد، وانعدام الثقة، بل وحتى الكراهية والازدراء، تهيمن كثيرًا على أحاديثنا وتلوّث قلوبنا. الصور التي نراها يوميًا هي مدمّرة، وصادمة، وتضعنا أمام ما دعاه القديس بولس "سر الإثم والإلحاد" (2 تسالونيكي 2:7)، الذي يتجاوز فهم العقل البشري. نحن معرّضون لخطر التعوّد على الألم، لكن لا يجوز أن يبقى الأمر كذلك. إن كل حياة تُفقَد، وكل جرحٍ ينزف، وكل جوعٍ  قاتل، تُعتبرُ عارا صارخا في عيني الله…

هذه الرسالة نُشرت على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقداس الأحد الثالث بعد عيد الصليب

Next
Next

غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو في قداس أحد الوردية: لنكن نحن الأقلية المسيحية في هذا الشرق الممزق بالصراعات، علامة لنموِ السلام والاخوة والمحبة