غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان يترأّس قدّاس الشكر لمناسبة إعلان قداسة المطران إغناطيوس مالويان في بازيليك سيّدة لبنان - حريصا
ترأّس غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة، قداس الشكر لمناسبة إعلان قداسة المطران إغناطيوس مالويان، وذلك في بازيليك سيّدة لبنان - حريصا، بمشاركة كلّ من غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، غبطة البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وسعادة السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا.
حضر القدّاس الإلهي معالي وزيرة الشباب والرياضة نورا بايراقداريان ممثّلة كل من فخامة رئيس الجمهورية اللّبنانيّة العماد جوزاف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، بالإضافة إلى عدد من الوزراء والنواب والفاعليّات الروحية والرسمية والعسكرية والاجتماعية وحشود من المؤمنين.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى غبطة البطريرك ميناسيان عظة جاء فيها:
"نجتمع اليوم في هذه الكنيسة بازيليك سيدة لبنان ، لا لمجرّد مكانٍ جغرافيّ، بل لقلبٌ نابض بالإيمان والوحدة، لقلب يحتضن أبناء الكنيسة جميعًا كعائلةٍ واحدةٍ، لبنانيةٍ ورسوليةٍ. على هذا الجبل المبارك، حيث يلتقي الإيمان بالوطن، والسماء بالأرز . نجتمع اليوم معاً لنرفع صلاة الشكر لله الأب الذي منحنا نعمة تقديس المطران الشهيد إغناطيوس مالويان ، الذي أعلنه قديسًا قداسة البابا لاون الرابع عشر في روما.
لقد قرّرنا أن يكون هذا القدّاس الاحتفاليّ ليس للكنيسة الأرمنية الكاثوليكية وحدها، بل لجميع الكنائس الكاثوليكية في لبنان، عربون وحدةٍ وشهادةٍ مشتركةٍ في المسيح المخلص، على أرضٍ قدّسها الربّ بدماء الشهداء وبصلوات القدّيسين والمؤمنين عبر الأجيال.
نحن اليوم لا لمجرّد تذكّار رجلٍ من الماضي، بل لنتقدّم بالشكر لله الذي كتب صفحةً خالدة من الإنجيل من خلال شهادة أحد خدامه الأمناء.
فلذلك لا اعتبر هذه الجمعة المهيبة مجرّد احتفال ينتهي بعد قليل، بل جواب الكنيسة الجامعة الرسولية لصرخة نفسٍ أحبّت المسيح حتى الاستشهاد.
هذا ما يشجعنا على قبول الحقيقة التي توحينا بالقداسة التي ممكن ان نعيشها في أيامنا هذه وأنّ الأمانة الالهية لا تزال تملك وجهاً وسيماً، وألصلب والصليب ليس هزيمة بل انتصار.
نجتمع اليوم حول هذا المذبح المقدّس لنصلي سوية بإمان حيّ: لانّ الله قد تجلّى في شخص القديس إغناطيوس مالويان، الأسقف الشهيد، وهو يدعونا اليوم إلى إيمانٍ لا يعرف الخوف، ولا يتعب من الرجاء، ولا يخجل من المحبة. يدعونا للسير على خطاه لان .دماء الشهداء ليست صامتة، بل هي صوتٌ يرنّ عبر الأجيال.
وهذا الصوت اليوم يبلغنا، يسائلنا، ويدعونا إلى اتّباعه بالتعبد الصادق لمخلصنا يسوع المسيح. يدعونا للارتباط العميق بمعالم إنجيله المقدس، أين الوصية العميقة في إنجيل يوحنا قائلاً: "ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه" (يو 15:13). هذه الكلمات ليست فقط إعلانًا للمحبّة، بل نبوءةٌ عن تضحية قد حدثت في حياة الابن، ابن الله الذي بذل حياته من أجل خلاص العالم، وموته لم يكن نهاية، بل بداية القيامة والحياة الأبدية.
ففي هذا الصورة ، نجد الحبّ اليقين الذي لا يقوى عليه الموت، بل الرجاء بالخلاص والحياة الأبدية.
وعلى هذا اليقين عاش القديس إغناطيوس مالويان . عاش في زمن الاضطهاد والرعب، لكنه بقي ثابتا في إيمانه رغم العروضات الجمة لينكر إيمانه ويحيا، فأجاب بشجاعة وثبات:"نحن نموت، ولكننا نموت من أجل المسيح".
كلماتٌ قليلة، لكنها تُلخّص جوهر الإيمان المسيحيّ. فالشهادة ليست موتًا، بل انتصارُ الحياة على الخوف، وانفتاحُ الباب أمام نور القيامة، حيث "لا موتٌ ولا حزنٌ ولا وجع، ولا أنين لأن الأمور الأولى قد مضت" (رؤ 21:4).
القديس إغناطيوس مالويان عاش كلمات الإنجيل، حمل الصليب حتى الرمق الأخير، ورعى شعبه في الألم، وبذل حياته ليقوّي إيمانهم ويخلّصهم. لقد اختلط دمه المسفوك، بدم معلمه وصار بذرةً لحياةٍ جديدةٍ، وشهادةً لكنيسةٍ لا تموت، لأنها تحيا بالمسيح.
وفي زمننا هذا، حيث يُهان الإيمان وينهار ويُهمَّش، أين أبناء الخلاص يترددون في ايمانهم ويبتعدون، أين وصيّة الله ووعوده بالخلاص.
تخان في هذا الوقت بالذات نحن بحاجة إلى شهداء أحياء مثل القديس مالويان، إلى مؤمنين يختارون الصدق على المساومة، والرجاء على اليأس، والرحمة على الانتقام…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة الأرمن الكاثوليك على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.