تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا لعيد يسوع ملك الكون – السنة ج
تجدون في التّالي تأمّل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، لعيد يسوع ملك الكون – السنة ج، الأحد 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.
في هذا اليوم الذي نحتفل بعيد يسوع المسيح ملك الكون، تقدّم لنا الكنيسة مقطعًا من صلب الربّ كما يوردها القديس لوقا.
ويمكن تقسيم القراءة إلى جزأين: في الجزء الأوّل (23: 35-38) نقف عند أقدام الصليب لنرى مواقف الشخصيات المختلفة تجاه يسوع: الشعب، والرؤساء، والجنود.
أمّا الجزء الثاني (23: 39-43) فيرفع أنظارنا إلى الصليب لنشهد ما يدور بين يسوع واللصَّين المصلوبين معه.
وفي كلا المشهدين رؤساء الشعب والجنود وأحدُ اللصَّين يلحّون على يسوع بأن يخلّص نفسه، وأن ينزل عن الصليب، وأن يُظهر قوّته، معيدين تكرار الطلب ذاته.
لقد افتتح إنجيل لوقا بإعلان بشرى الخلاص: في نشيد مريم التي تبتهج بالله مخلّصها (1: 47)، وفي كلمات زكريا الذي أدرك قدرة الله على الفداء (2: 71 و77)، ووصل صدى إعلان البشارة الى بيت لحم عندما سمع الرعاة بشارة الملائكة بأن ولد المخلّص (2: 11).
إعلانٌ يصاحب صفحات الإنجيل، يدخل بيوت البسطاء ويصنع العجائب في حياة الكثيرين.
والآن يبرز سؤال في محله: ماذا حلّ بهذا الخلاص؟ وما مصيره؟
كيف يمكن لرجلٍ مصلوبٍ أن يفي بوعده بأن يكون مخلّصًا لكلّ من يؤمن به؟ وإن كان لا يخلّص نفسه، فكيف يخلّص الآخرين؟ (23: 35).
كلّ شيء يوحي وكأنّ الخلاص الذي حمله يسوع للبشرية قد انتهى عند الصليب.
غير أنّ ما ينقض هذا الظنّ هو موقف اللصّ الآخر.
فهو يرى ما يراه الجميع: رجلًا مصلوبًا عاجزًا عن إنقاذ نفسه. لا يعرف عنه شيئًا، لكن الوداعة التي يموت بها يسوع تكفيه ليوقن أنّه بريء، وأنّه ضحية لسلطة ظالمة.
ومع ذلك، يطلب من هذا الرجل الذي لا ينقذ نفسه أن ينقذه: «أُذكُرْني يا يسوع إذا ما جئتَ في ملكوتك» (23: 42).
اللص ”الصالح“ يطلب أن ينقذ ليس من زعيم، ولا من رجل يبدو قوي، بل رجلًا فقيرًا عاجزًا مصلوبًا هناك مثله ومعه، من رجل صامت.
هذا هو بالضبط جوهر إيماننا.
الله لا يخلصنا بفرض قوته، بل من خلال حدها حتى يتمكن من قبول ضعفنا بالكامل، التضامن الكامل مع ألمنا، فيصبح الضعف مكانًا للقاء، المكان المثالي حيث يمكن للجميع أن يصلوا إليه وينالوا الخلاص ويبدؤوا مسيرة جديدة بنظرة متغيّرة تمامًا…
هذا التأمّل نُشر على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة في القدس، لقراءة المزيد إضغط هنا.