غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يستقبل ذخائر القدّيسة تريزيا الطفل يسوع في كنيسة عذراء فاتيما في جونيه – كسروان، جبل لبنان
في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الإثنين 16 حزيران/ يونيو 2025، وصل غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، إلى كنيسة عذراء فاتيما في جونيه – كسروان، جبل لبنان، حيث استقبل غبطته ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، والتي تزور كنائس وأديرة عديدة في لبنان في هذه الفترة، وهي الزيارة الثانية لهذه الزخائر إلى لبنان.
أمام المدخل الخارجي للكنيسة، استُقبِل غبطتُه بنشيد استقبال رؤساء الأحبار، ولدى وصوله إلى أمام المذبح تبارك من ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، بحضور ومشاركة سيادة مار غريغوريوس بطرس ملكي، والمونسنيور حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والأب أوليفيه رئيس دير القديسة تريزيا في ليزيو – فرنسا، والذي يرافق الذخائر في زيارتها إلى لبنان، والأب يوسف درغام كاهن رعية عذراء فاتيما في جونيه، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والشمامسة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية ومن الرعايا المجاورة في المنطقة.
ثمّ رفع غبطته الصلاة إلى الرب بشفاعتها من أجل الكنيسة والمؤمنين في كلّ مكان، وخاصّةً من أجل كنيستنا السريانية الكاثوليكية، ومن أجل رعية عذراء فاتيما، ومن أجل السلام في لبنان والأراضي المقدسة ومنطقة الشرق الأوسط والعالم، ومن أجل انتهاء الحرب الضروس الدائرة حالياً بين إسرائيل وإيران، والحروب والنزاعات في كلّ مكان، لا سيّما في قطاع غزّة، وبين روسيا وأوكرانيا.
بعدئذٍ وجّه غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان كلمة أبوية استهلّها بالتعبير عن "الفرح الكبير باستقبال ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع للمرّة الثانية في لبنان، وزيارتها هي مبعث رجاء وطمأنينة بأنّ ربنا خلقنا للمحبّة وللسلام. فهذه القديسة ارتفعت إلى السماء في أيلول عام 1897، بعد أن أصيبت بداء التيفوئيد، وهي بعمر 24 سنة، وقد تقدّست عام 1925، أي أُعلِنَت قداستها منذ 100 سنة، وتعرّف العالم كلّه عليها، وانتشر تكريمها في كلّ أرجاء المسكونة، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فليس هناك أبرشية كاثوليكية إلا وفيها كنيسة على اسم القديسة تريزيا الطفل يسوع".
وأشار غبطته إلى أنّ "هذه القديسة أُعلِنَت شفيعة المُرسَلين، مع أنّها عاشت حياتها الرهبانية داخل الدير، كانت تتمنّى أن تُرسَل كمُرسَلة تبشّر بيسوع، لكنّها قبلت أن تعيش هذه الحياة الوديعة المتواضعة، وقد كتبت في قصّة حياتها l’histoire d’une âme، ونحن كإكليريكيين قرأنا هذا الكتاب المليء بالتقوى الخارقة لهذه الراهبة التي تعلّمت أن تعيش ما تسمّيه la petite voie الطريق الصغير، من دون أن تعلن عن مشاريع أو عن أعمال باهرة. كانت تعيش حياتها اليومية بالتواضع والوداعة مثل أمّنا مريم العذراء. كانت تبتسم دائماً لمن هم حولها، حتّى في أصعب لحظات مرضها. علّمَتْنا في كتابها الرائع جداً والبسيط أنّنا، كيفما كنّا، فالرب يعرف قلوبنا ونيّاتنا، وليس علينا أن نُشهِر أنفسنا أو أن نطلب من الرب أن يُشهِرنا، المهمّ أن نعيش حياتنا بالوداعة والقداسة والمحبّة والسلام، وربنا يعرف كيف نعيش، وهو يعرف كيف يقدّسنا".
ولفت غبطته إلى أنّ "هذه القديسة هي ابنة عائلة مبارَكة، عائلة لويس وزيلي مارتان، هذان الزوجان، هما الوحيدان اللذان تقدّسا، منذ عشر سنوات عام 2015، كرجل وامرأة معاً، وأصبحا قدّيسَين. وهذا الأمر هو فريد من نوعه، لأنّ لويس وزيلي مارتان كان لهما خمس بنات، وأصبحْنَ كلّهنَّ راهبات، وصغيرتهنَّ تريزيا التي كانت مدلَّلة ومرّت بمراحل دقيقة جداً وحرجة وصعبة، وتقدّست في الدير. نحن، أحبّائي، نتعلّم من هذه القديسة ما نسمّيه sa petite voie, son petit chemin، فنقدّم للرب حياتنا وأعمالنا وكلامنا وصلواتنا، مهما كانت صغيرة، وهو يعرف كيف يحوّلها إلى نِعَم لنا ولمن هم حولنا".
وأكّد غبطته على أنّه "يجب ألا ننسى أنّ الرب لا يطلب منّا أشياءً عظيمة، إنّما يطلب منّا أن نعيش الحياة التي يدعونا إليها كمسيحيين وكتلاميذ للرب يسوع، نتبعه مهما كانت الظروف التي نعيشها ونختبرها في حياتنا، ونقدّم كلّ آلامنا وصعوباتنا وتضحياتنا، كي يحوّلها الرب إلى نِعَم، لا سيّما في هذا الزمن الصعب الذي نعيشه. كانت تريزيا تطلب دائماً أن تتمكّن من نشر المحبّة والسلام كما تنشر الورود حولها، وليس هناك أحلى من الورد. ويذكرون أنّ والدها، قبل أن يتوفّى، قدّم لها الوردة، وطلب منها أن نتظر إلى هذه الوردة، لافتاً نظرها إلى أنّه حتّى أصبحت هذه الوردة جميلة، فقد اهتمّ فيها الرب كثيراً، وأنّها (أي تريزيا) هي أيضاً، الرب يهتمّ بها، لذا لا يجب عليها أن تشكّ بمحبّة ربنا أبداً"…
هذا الخبر نُشر على صفحة بطريركيّة السريان الكاثوليك الأنطاكيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.