جبل الكرمل: منبع التاريخ والروحانية المسيحية
ما هي قصّة سيدة جبل الكرمل؟
يُعتبر جبل الكرمل مكانًا للصلاة والتقرب من اللّه منذ زمن النبي إيليا في القرن العاشر قبل المسيح (راجع 1 ملوك 18: 41). وهناك أيضًا استمر النُسّاك المسيحيون في حياة الصلاة. وفي القرن الثاني عشر، تأسس رسميًّا "رهبنة إخوة العذراء مريم سيدة جبل الكرمل".
غير أن القرن الثالث عشر كان زمن اضطهاد للكرمليين، وفي خضم هذا، ظهرت العذراء في 16 تموز 1251 للقديس سيمون ستوك، وهو رئيس عام للكرمليين، وقد أعطته "الثوب الكرملي ذو اللون البني". وقالت له: "هذا امتياز لك وللرهبنة: من يموت مرتديًا هذا الثوب يُخلَّص".
لقد أصبح ارتداء الثوب الكرملي المصغر، المعروف ببساطة باسم "ثوب العدر أو الثوب البني"، علامة على الاتحاد الروحي مع الكرمليين في قبول محبة الأم القديسة، وتكريس الذات للروحانية الكرملية، والثقة بأن سيدتنا ستحميهم في حياتهم وعند موتهم. بالإضافة إلى كونها شفيعة رهبنة الكرمليين، تُعتبر أيضًا شفيعة لتشيلي وبوليفيا والحماية من الأخطار والخلاص من المطهر.
ماذا حدث على جبل الكرمل مع النبي إيليا؟
كان جبل الكرمل موقعًا مقدّسًا مكرّسًا للإله الكنعاني بعل، حيث كانت تُقام له العبادة. وفي الفصل الثامن عشر من سفر الملوك الأول، تحدّى النبي إيليا 450 من أنبياء بعل في مواجهة روحية تهدف إلى إظهار الإله الحق: أهو بعل أم إله [إسرائيل]؟ وكان معيار الحقيقة أن يُرسل الإله نارًا من السماء لتحرق الذبيحة. فقد أنبياء بعل صوابهم في صراخهم وصلواتهم، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. أما إيليا، فعندما توجّه إلى الربّ بالصلاة، استجاب اللّه وأرسل نارًا من السماء:
"فسقطت نار الرب، وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب، ولحست الماء الذي في القناة. فلما رأى جميع الشعب ذلك، سقطوا على وجوههم وقالوا: الرب هو اللّه، الرب هو اللّه!" (1 ملوك 18: 38-39). وعلى هذا الجبل أيضًا، رفع إيليا صلاة حارّة إلى اللّه فاستجاب له وأنهى الجفاف والمجاعة التي ألمّت بـ[إسرائيل]. ولهذا يُعتبر النبي إيليا أحد الآباء الروحيين لرهبنة الكرمليين، الذين يستلهمون من غيرته ونقاوته وعمق علاقته باللّه.
ما هو جبل الكرمل وأين يقع؟
جغرافيًا، يطلّ جبل الكرمل على البحر الأبيض المتوسط ومدينة وميناء حيفا. ويقع عند رأس وادي مجدو. يُعرف باسم "جبل النبي إيليا". ويُذكر جبل الكرمل أكثر من عشرين مرة في الكتاب المقدس، وأهمها في سفر نشيد الأناشيد (7: 5). يستمدّ جبل الكرمل مكانته الروحية من علاقته العميقة بالنبي إيليا، غير أنّ الإشارة إليه في "نشيد الأناشيد"، حيث يُشبَّه رأس العروس بجمال الكرمل (نش 7: 5)، أضفت عليه بُعدًا رمزيًا أعمق، جعله موضوعًا لتأملات صوفية غنيّة في التراث المسيحي. فقد رأى فيه الآباء الروحيون، وعلى رأسهم القديس يوحنا الصليب، صورة رمزية لمسيرة النفس نحو الاتحاد باللّه، ومجازًا للارتقاء الروحي من خلال النقاء والتأمل والحب الإلهي.
ماذا تعني كلمة "كرمل"؟
كلمة عبرية تعني "بستان اللّه" أو "جنة اللّه" وهو المكان الذي يسير فيه الإنسان مع اللّه كما كانا يفعلان آدم وحواء قبل السقوط (تكوين 3: 8).
ما هو الثوب الكرملي؟
يتكون ثوب سيدة جبل الكرمل، أو " ثوب العدر أو الثوب البني"، من قطعتين من الصوف البني مربوطتين بخيط. أعطت العذراء المباركة هذا الثوب للقديس سيمون ستوك سنة 1251، مع الوعد: "من يموت مرتديًا هذا الثوب، سيُحفظ من نار الجحيم. إنه علامة خلاص، أمان أكيد في الخطر، وعد بالسلام، وحماية خاصة بي حتى نهاية الأزمنة". وبحسب دليل الكرسي الرسولي حول التقوى الشعبية: "إن استخدام الثوب الكرملي واسع الانتشار، وهو من الممارسات التقوية التي أوصى بها التعليم الكنسي على مرّ القرون". ويُعدّ الثوب الكرملي شكلاً مصغّرًا من الثوب الرهباني الكرملي، ويرتديه المؤمنون تعبيرًا عن شركتهم الروحية مع الرهبنة وتقواهم المريمية…
هذا التقرير نُشر على موقع البطريركيّة اللّاتينيّة، لقراءة المزيد إضغط هنا.