يكشف يسوع لتوما ولنا عن جرح قلبه

رسالة غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو لمناسبة عيد مار توما شفيع الكنيسة الكلدانيّة

تجدون في التّالي رسالة غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، لمناسبة عيد مار توما شفيع الكنيسة الكلدانيّة، بعنوان "يكشف يسوع لتوما ولنا عن جرح قلبه".

ظهورٌ غيرُ مُتَوَقَع 

قبل آلامه ببضعة أشهر، شعر يسوع ان حياتَه أصبحت مهددة بشكل خطير، سواء في أورشليم أو في محيطها. وأعلن عن ذلك لتلاميذه اكثر من مرة. وجرت محاولات لقتله”ولَم يَشَأْ أَن يَسيرَ في اليَهودِيَّة، لأَنَّ اليَهودَ كانوا يُريدونَ قَتلَه(يوحنا 7/ 1)، ومع ذلك قرر الذهاب إلى بيت عنيا  ليُقيم لعازر صديقَه من بين الأموات. حاول الرسل ثَنيَّه عن ذلك (يوحنا ١١/٨)، لكن توما حفزّهم  على الذهاب: “هيا بنا أيضًا لنمُت معه!” (يوحنا ١١/ ١٦).

في ظلّ الظروف الأخيرة القاسية، والحكم على يسوع بالصلب، ماذا كان  على التلاميذ أن يفعلوه أكثر مِمَّا فلعوه؟ لقد تطلّب الأمر شجاعةً كبيرةً من بطرس ويوحنا، وهما التلميذان الوحيدان اللذان تبعا يسوع إلى مقر قيافا رئيس الكهنة وحنان، ثم انضم يوحنا إلى النِسوة ومريم امِّه للسير إلى سفح جبل الجلجلة، مختبئن بين الحشود، ليشهدوا على صلبه. 

يُدرك يسوع ضعف الطبيعة البشرية. يعرف ان ضعف الإيمان عند توما غير مبرر، ونكران بطرس، وأيضا عند بقية تلاميذه، لكن مع ذلك، فإن  الى هؤلاء الرجال الضعفاء، عهد مهمة إيصال رسالته إلى البشرية جمعاء.  هذه الرسالة الخلاصية  القادمة من اللّه الاب، والتي نقلها بنفسه، خلال ثلاث سنوات، بكلماته الصادقة وافعاله الطيبة التي غرسها فيهم، ليفهموها ويختبروها، ويوصلوها   الى الاخرين.

ارتباك  إيمان توما، وظهور يسوع الصادم 

قيامة المسيح لا تخضع لتصوراتنا، فلا يحدها زمان ولا مكان. ظهر لهم والأبواب موصدة خوفاً من اليهود(يوحنا 20/19) .

 لا يخلو فرحُ الرسل برؤية معلمهم القائم من بين الأموات من مرارة قتله. فبعد الأيام العصيبة التي عاشوها، يمكنهم الان أن يفرحوا بترائياته حيّاً، وحضوره بشكل آخر،  مما عزّاهم  وقوّاهم  لحمل رسالته.

 توما مصدومٌ مما اختبره من مشاهدة عذابات معلمه، لذا  وجد  صعوبة في تصديق  شهادة التلاميذ، عندما جاءوا بعد ثمانية أيام ليُخبروه أنهم رأوا الرب القائم. وأيضًا شهادة النِسوة وشهادة تلميذي عمواس!

 في الحقيقة، لم يكن ضعفه يُضاهي في خطورته خيانة يهوذا أو نكران بطرس الذي ظلّ صياح الديك يتردد في ذاكرته، لإنكاره سيده ثلاث مرات، لكنه اعترف بضعفه،  وندم  باكياً. في النهاية  كفى ووفى  باستشهاده من اجل  ايمانه.

لم يكن لدى توما حدسُ مريم المجدلية، وحماستها لكي يؤمن، لذا يؤكد  الحاجة إلى  علامات ملموسة.

 من دون سابق انذار يظهر يسوع للتلاميذ  في دار مغلقة الابواب (يوحنا 20/1).  لم يوبخ   توما على نقص  ايمانه، بل  بمحبته ورقته اللامتناهية، ازاح  عنه تحفظه وارتباكه.  وبادر الى منحه الفرصة للمس حقيقة قيامته. يقف يسوع  في الوسط، كالمعلم ويقول لتوما: ” تعال انظر، وهات أصبعك وأبصر يديّ، هات يدك وضعها في جنبي” ( يوحنا20/27). جعل يسوع  توما في تماسٍّ مباشر  معه. صدم توما من حركة يسوع  فصاح تلقائيا  معترفاً بانه هو الرب القائم: ” ربي والهي” ( يوحنا20/29). انه يقف من جديد تلميذا شاهداً للمسيح.  يقودنا الإنجيلي يوحنا  نحن أيضا من خلال هذا المشهد الى ان نكتشف جنب يسوع المفتوح ليسكب علينا ثراء محتبه.

هذه الترائيات ليست تكريماً للتلاميذ، بل هي لثبيتهم في ايمانهم  ومنحهم  القوة، وارسالهم لحمل الانجيل الى العالم أجمع.  هذه دعوة لنا  ليكون  هذا الترائي وعيد شفيعنا مار توما   فرصة لتجديد روحي عميق والشهادة على حقيقة قيامة المسيح.. مار توما يمرر الينا الشعلة.

عيد مار توما مبارك لكم جميعاً

ترتيلة خاصة لعيد مار توما الرسول شفيع كنيستنا

Previous
Previous

سيادة رئيس الأساقفة الدكتور سامي فوزي يفتتح دورة تدريبيّة حول فضّ النزاعات وصنع السلام، في المنيا

Next
Next

قداسة البابا تواضروس الثاني يُطَيِّب جسدَي القدّيسَين الأنبا موسى والأنبا إيسيذوروس