مَثَلْ السامري الصالح (لوقا 10/ 25-43): الرحمة رقيٌّ وسمُو
بقلم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو
غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط،
يُقدم لنا إنجيل لوقا من خلال مَثَلْ السامري الصالح (10/ 25-43)، درساً أخلاقياً رائعاً في الإحساس بالآخرين، لكي نطبّقه في التعامل مع بعضنا.
ومثلما يفتح الله آفاقاً للمحبة، هكذا يجب ان نفعل نحن أيضاً
محبتُنا تعكس وجهَ الله فينا
المحبة والرحمة أسلوب حياة، فيها دينامية تدل على روح الاُخوّة،
شرط أن يفهم الآخر ذلك
يسوع يقدم مثلاً
يطرح أحد علماء الشريعة على يسوع سؤالاً ليضعه في مأزق. الهدف من السؤال هو معرفة: “من هو قريب الإنسان؟” يجيب يسوع بطريقة مختلفة عن الشريعة: “القريب هو كل إنسان محتاج الى المساعدة، كل إنسان هو من رحم الله“. الإنسانية فوق كل شيء قبل التديُّن لأننا نتقاسم الوجود وعلينا أن نفعله بالمحبّة والرحمة. علينا أن نتذكَّر دوماً قول الله لقايين القاتل: “أين هابيل أخوك؟” (تكوين 4/ 9).
ردّ يسوع على المُحاوِر بعرضه عليه قصةً تُجبره على التفاعل، ليس نظرياً، بل بوضع قلبه فيها. هذا المَثَل لا يتطلب منا ان نتصرف بالمحبة والرحمة مع الأشخاص فحسب، لكن أيضاً مع مجتمعاتنا، مع الحروب والصراعات، التي نشهدها حالياً في غزة ولبنان وسوريا وإيران والسودان وسوريا: “طوبى لفاعلي السلام فانهم أبناء الله يدعون” (متى 5/ 9).
يتضح الموقف من خلال ذلك السامري الشهم، الذي لا يخشى يسوع أن يجعله قدوة لإخوانه في الدين؛ على الرغم من أن الشريعة التي تُحرِّم على اليهود إقامة علاقات مع السامريين، الذين يُعتبرون نَجِسين.
الأشخاص
الضحية: تجدر الإشارة إلى أن النص لا يذكر شيئاً عن شخصيته، سوى أنه إنسان. فهذا يدل بوضوح على أن الرحمة يجب أن تشمل جميع البشر دون تمييز بين إنسان وآخر، ولا بين الأديان والمذاهب. المحبة لا تعرف حدوداً.
الكاهن: معلمٌ، وملتزم بشريعة موسى. لامبالاتُه بهذا الرجل الجريح، تعود الى الخوف من الإصابة بالنجاسة الطقسية؛ مما سيمنعه من أداء واجباته الدينية! إنه مثالٌ واضحٌ لأولئك “المتدينين” الذين خَلَتْ قلوبهم من الرحمة.
اللاوي: ليس لديه عذرٌ. ان المعرفة النظرية بالعودة الى الشريعة لا تنفع شيئاً من دون تطبيق عملي.
السامري: بمُساعدته الجريح ودفعه تكاليف النقاهة، يُعامله كما لو كان أحداً من أقربائه. الرحمة متأصلة في قلبه، على صورة الله الرحيم.
العِبـــــــــرة
إن صيغة المَثَل، التي يُجبر بها يسوع مُحاوِره، بأن يضع نفسه مكان الضحية، لها ميزة أخرى لا تقلّ أهميةً عن فهم كلمة الله والتأمل فيها. إنها تُتيح تفسير التعليم على عدة مستويات. وعلى وجه الخصوص،
أن نُقارن بين رحمة السامري الصالح، التي طلبها منّا يسوع وبين الرحمة التي يُنعم بها الله علينا
هذا ما فعله يسوع مع لص اليمين
غفَرَ له، وفداه في اللحظة الأخيرة، وصار “صالحاً”…
ليكون أول إنسان فُدي بدم المسيح ورحمته
ادعُ معارفك لاكتشاف هذه الروحية العميقة
لتكون لهم الحياة الأبدية
هذا المقال نُشر على موقع البطريركيّة الكلدانيّة.