غبطة البطريرك يوسف العبسي يحتفل باللّيترجيّا الإلهيّة المقدّسة في الأحد الرابع بعد العنصرة "شفاء غلام قائد المئة"، في كاتدرائيّة سيّدة النياح - حارة الزيتون

احتفل غبطة البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، باللّيترجيّا الإلهيّة المقدّسة، الأحد الرابع بعد العنصرة "شفاء غلام قائد المئة"، يوم الأحد 6 تمّوز/ يوليو 2025، في كاتدرائيّة سيّدة النياح - حارة الزيتون.

وجاء في عظة غبطته:

شفاء غلام قائد المئة

متّى 8: 5-13

من الحوار الذي حصل بين السيّد المسيح وقائد المئة (قائد عسكريّ في الجيش الرومانيّ الذي كان في تلك الأيّام محتلًا لأرض اليهود. وفي تنظيم الجيش الرومانيّ قائد المئة هو الذي كان تحت إمرته مئة جنديّ من المشاة = رجل ذو سلطان، أممي وثنيّ، مستعمِر) في إنجيل هذا الصباح أودّ أن أتوقّف وأتأمّل معكم في ثلاث جمل وردت لنستخلص منها العبر لحياتنا.

١- أنا أجيء وأشفيه

إنّ هذه العبارة التي صدرت من السيّد المسيح صدورًا عفويًّا سريعًا تدلّ على طبيعته الطيّبة الحسّاسة المحبّة التي تتأثر وتتألّم عندما ترى إنسانًا يتعذّب فيبادر إلى نجدته في الحال. فما كاد قائد المئة يقول ليسوع "إنّ غلامي في البيت طريح الفراش، مقعد، ويتعذّب عذابًا شديدًا"، وقبل أن يطلب من بسوع أن يشفيه، خاطبه الربّ قائلاً: "أنا أجيء وأشفيه". إنّ السيّد المسيح عالم بضعفنا وألمنا وشقائنا وحزننا وما إلى هذه، وهو يبادر إلى تخليصنا منها قبل أن نسأله. ألم يقل لنا في إنجيل متّى، قبل إنجيل اليوم بصفحات قليلة (متّى ٨ :٦): "إنّ أباكم عالم بما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه"؟ ومن الملاحظ في ردّ يسوع السريع العفويّ قوله "أنا". وكأنّه يطمئن قائد المئة ويقول له: لا تخف ولا تضطرب، فأنا الربّ لمخلّص القدير، أنا هنا بقربك ولن يمسّ غلامَك سوء. وهذا القول عينه يقوله يسوع لنا اليوم ولا سيّما إن كنّا في ألم أو حزن أو ضعف أو خوف أو قلق أو خطيئة أو ما إليها.

٢- إنّي لست أهلاً لأن تدخل تحت سقفي

قد نستغرب ردّ قائد المئة هذا. كيف يفوّت عليه وعلى أهل بيته زيارة يسوع لهم في البيت في حين كان البعض يشتهي أن يلمسوا يسوع أو يقتربوا منه كما نقرأ في الإنجيل. لكنّ هذه الصرخة تعبّر، في وقت واحد، عن شعوره بضعفه وخطيئته إزاء المسيح، وعن شعوره بعظمة المسيح وبقدرته الفائقة التي ستطيع كلّ شيء وليس من عقبة تقف في طريقها. بل إنّ كلام قائد المئة هو اعتراف بألوهة يسوع وبسيادته المطلقة، هو إعلان الإيمان بكلمته التي بها يكون شيء، وبها تُصنع الآيات وبها يشفى الغلام لمعذّب طريح الفراش. وكم نحن اليوم في حاجة إلى أن ندرك عظمة اللّٰه وضعفنا معًا فنرى أنّ اللّٰه وحده قادر أن يخلّصنا ويمنحنا الشفاء. ومن الجدير بالذكر هنا أنّ معظم الكنائس من مختلف الطقوس قد اتخذت قول قائد المئة ليسوع "يا سيّدي، لستُ أهلًا أن تدخل تحت سقفي، ولكن قل كلمة لا غير فيبرأ غلامي" صلاةً لها يستعدّ بها المؤمنون للتقرّب من المناولة.

٣- إنّيّ لم أجد لأحد مثل هذا الإيمان

وبالفعل هذا ما أدركه يسوع و"أُعجب جدًّا" به فقال "للذين يتبعونه": "الحقّ أقول لكم إنّي لم أجد لأحد مثل هذا الإيمان حتّى في إسرائيل". إنّ تصريح يسوع هذا هو شجب لجحود اليهود ولتصلّب قلوبهم، أولئك الذين رأوا أكثر ممّا رأى قائد المئة وحصلوا على أكثر ممّا حصل عليه من لبراهين ولم يؤمنوا: "مع كلّ ما صنع من الآيات على عيونهم لم يؤمنوا" (يوحنّا ٣٧ :١٢). فيما اكتفى إيمان قائد المئة بأن يقول يسوع كلمة فقط فيبرأ الغلام: "قل كلمة فقط فيبرأ غلامي". إنّ المعجزات قد تولّد الإيمان أو تنمّيه، لكنّ كلام يسوع الصادق الأمين يفعل أكثر من المعجزات. لا شكّ أنّ الإيمان بالمسيح قائم في جزء منه على العجائب التي يصنعها، بيد أنّ العجائب لا تحصل دومًا. لذلك فإنّ الإيمان المبنيّ على كلام يسوع هو الإيمان المطلوب، والمطلوب بنوع خاصّ منّا نحن الذين لم نرَ ولو سمع ولم نلمس يسوع كما قال لنا هو نفسه: "طوبي للذين يؤمنون من دون أن يروا" (يوحنّا ٢٠ :٢٩)…

هذه العظة نُشر على صفحة بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في الأحد الخامس من زمن العنصرة

Next
Next

سيامة 19 كاهنًا بيد قداسة البابا تواضروس الثاني للقاهرة وكندا