حكايات الشجرة المغروسة (٨)… "خلاص العالم والثالوث في بشارة الملاك للعذراء" في اجتماع الأربعاء لقداسة البابا تواضروس الثاني
الأربعاء 13 آب/ أغسطس 2025م.. 7 مسرى 1741ش.
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة، عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء من الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
وصلى قداسته صلوات العشية بمشاركة عدد من الآباء الأساقفة والكهنة، أعقبها كلمة من القمص أنطونيوس منير كاهن الكنيسة رحب خلالها بقداسة البابا مثمنًا أدوار قداسته المتعددة في النهوض بالخدمة الرعوية في الكنيسة، معربًا عن سعادته بزيارة قداسته.
ورتل كورال "ني أبوسطولوس" التابع للكنيسة مجموعة من الترانيم والتسابيح الكنسية وأثنى عليهم قداسة البابا بكلمات تشجيع، وكرم قداسته أبناء الكنيسة الناجحين في الثانوية العامة.
واستكمل قداسة البابا تواضروس الثاني سلسلة "حكايات الشجرة المغروسة"، وتحدث اليوم عن موضوع "خلاص العالم في البشارة للسيدة العذراء"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الأول لمعلمنا لوقا والأعداد (٢٦ - ٣٤)، وأشار إلى محبة اللّه للعالم من خلال بشارة الملاك للسيدة العذراء.
وشرح قداسته محبة اللّه للعالم من خلال الآية: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو ٣: ١٦)، وكيف أظهر اللّه لنا محبته في بداية العهد الجديد، "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللّهِ" (لو ١: ٣٥)، لأن بداية معرفتنا بالثالوث في العهد الجديد كان من خلال بشارة الملاك للسيدة العذراء.
وأشار قداسة البابا تواضروس الثاني إلى أن الآباء في مجمع نيقية ومناقشاتهم اللاهوتية مع أريوس المهرطق، كان في ذهنهم تعبير "اللّهَ مَحَبَّةٌ" (١يو ٤: ٨)، ومن خلاله وضعوا قانون الإيمان.
وأوضح قداسته أن قانون الإيمان به عبارات تأكيدية على إيماننا باللّه الواحد والذي نُعبر عنه بـ "اللّهَ مَحَبَّةٌ"، كالتالي:
١- "بالحقيقة نؤمن بإله واحد"، والتي تعني أن اللّه محب لكل البشر، فهو ضابط الكل وصانع الخيرات.
٢- "نؤمن برب واحد يسوع المسيح"، والتي نرى فيها اللّه المحبوب من أجل ما صنعه من أجلنا، "نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا" (١يو ٤: ١٩).
٣- "نعم نؤمن بالروح القدس، الرب المحيى المنبثق من الآب"، والتي تعني أن اللّه هو مانح روح الحب للبشر، وعندما ينال الإنسان الروح القدس فقد أصبح إنسانًا سماويًّا.
وأشار قداسة البابا إلى بعض من ظلال الثالوث في العهد القديم، كالتالي:
- "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ" (تك ١: ١)، وكلمة "اللّهُ" أصلها في النص العبري: ألوهيم، والتي تعني اللّه بصيغة الجمع، وهذا تلميح عن الثالوث.
- "وَقَالَ اللّهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا" (تك ١: ٢٦)، وتوضح أن كل أحد منا فيه نسمة حياة من اللّه الواحد.
كما أوضح قداسته أن الثالوث يتضح في العهد الجديد في الآيات: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ (اللوغوس)، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللّهِ.. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ (الروح القدس)، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ" (يو ١: ١ - ٥).
وقدم قداسة البابا تواضوس الثاني شرحًا للمحبة من خلال كلمة أقانيم، "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" (أع٤: ١٢)، لأنه لا خلاص للإنسان بدون الثلاث أقانيم، وهي:
١- "الآب": هي كلمة سريانية تعني مصدر أو أصل أو ينبوع.
٢- "الابن": هو تعبير بشري، ليس له علاقة بالتناسل، مثلما نقول تعبير "ابن مصر".
٣- "الروح القدس": هو الحرارة التي تمنح الحياة.
وشرح قداسته أن كلمة أقنوم هي كلمة سريانية، وتعني خاصية ذاتية، وبدونها لا يقوم الجوهر الإلهي، فالجوهر الإلهي واحد والثلاثة أقانيم متمايزة في العمل ولكنها غير منفصلة.
اختتم قداسة البابا بأن السيدة العذراء فتحت أمامنا الباب، وافتتح بها اللّه خلاص العالم، "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ (أقنوم الروح القدس) يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ (أقنوم اللّه الآب)، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللّهِ (أقنوم الابن)"، لذلك عندما نصلي قانون الإيمان ينبغي أن نضع في ذهننا: "اللّهَ مَحَبَّةٌ" وبذلك نعترف بثالوث قدوس.
هذا الخبر نُشر على صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على موقع فيسبوك.