القداس الأول لأدّاي وماري: الأصالة والتجديد

بقلم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو

غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط،


تُنسب رتبة القداس ܩܘܕܫܐ كما نسميّه اليوم، أو قديماً القربان (ܩܘܪܒܢܐ – التقدمة) عند الكلدان والآشوريين لأدّاي وماري رسوليَّ بلاد ما بين النهرين. يعود النصُّ الى القرن الثالث، أو بعده بقليل، أي بعد نحو قرنين من وفاة التلميذين. قد يكون نُسِبَ لهما تكريماً، كما فعلنا بالرتبة الجديدة للقداس 2020 والتي نَسَبناها لمار توما.

في زمن الرسل، اُستخدم مُصطلح كسر الخبز “كسر الخُبز” (أعمال الرسل 2/ 42). ويشير اليه مار بولس: “فإِنِّي تَسَلَّمتُ مِنَ الرَّبِّ ما سَلَّمتُه إِلَيكُم، وهو أَنَّ الرَّبَّ يسوع في اللَّيلَةِ الَّتي اُسلِمَ فيها أخَذَ خُبْزاً وشَكَرَ، ثُمَّ كَسَرَه وقال: “هذا هو جَسَدي، إِنَّه مِن أَجْلِكُم… اِصنَعوا هذا لِذِكْري“. وصَنَعَ مِثلَ ذلكَ على الكَأسِ بَعدَ العَشاءِ وقال: “هذه الكَأسُ هي العَهْدُ الجَديدُ بِدَمي. كُلُّمَا شَرِبتُم… فاصنَعوه لِذِكْري” (1 قورنثية 11/ 23-25). نجد في القرن الأول والثاني بعض صلوات شفوية تلقائية كتبت فيما بعد، كما نجدها في كتاب الديداكيه تعليم الرسل الاثني عشر الذي يعود الى نحو سنة 100 ميلادية.

ان نسخة الانافورا الوحيدة التي وصلت الينا لقداس أدّاي وماري هي في مخطوطة كنيسة مار اشعيا بالموصل “الحوذرا – الصلاة الليتورجية” والتي يعود تاريخها الى القرن العاشر. والرتبة تستعمل للآحاد والأعياد فقط، اذ لم يكن هناك إحتفال بالقداس اليومي الذي دخل رويداً رويداً عندما اتّحد الكلدان بالكنيسة الكاثوليكية 1552.

كنيسة مار إشعيا كانت ضمن مساحة الدير الأعلى، دير مار جبرائيل وابراهيم (كنيسة الطهرة الحالية) حيث نظم البطريرك ايشوعياب الثالث ( 649) الطقوس مع فريق من رهبان هذا الدير ومن رهبان دير بيث عابي (عقرة)، ويذكر التاريخ الراهب الموسيقار عنانيشوع.

ملاحظة: لدي نسخة الكترونية من مركز المخطوطات في عنكاوا التابع لأبرشية الموصل وعقرة وقد أعتمدتها في هذه الدراسة.

كان الأب وليم ماكومبر William F. Macomber1 (1921-2008) أول من اكتشف المخطوطة، ونشر دراسة علمية نقدية عن رتبة قداس أدّاي وماري. يذكر ان ثمة عناصر مشتركة مع رتبة القداس شرر ܫܪܪ المارونية التي تعود الى نفس التاريخ؟

قداس أدّاي وماري، قداس الرسل – ܩܘܕܫܐ ܕܫܠܝܚ̈ܐ

تنقسم الرتبة حالياً الى ثلاث محطات: الأولى التهيئة للقربان وفيها صلوات وقراءات وطلبات. الثانية الانافورا وهي كلمة ليتورجية يونانية ἀναφορά تعني الرَفعة أو القربان.. والثالثة الإستعداد للتناول من خلال التوبة والشكران. القسمان الأول والأخير غير موجودين في مخطوطة مار إشعيا!

لا نجد في نص مخطوطة مار إشعيا:

  • التضرعات ܟܘܫܦ̈ܐ قبل الإنحناءات الأربع ܓܗܢܝ̈ܬܐ. ܟܘܫܦ̈ܐ هي صلوات سريّة اُضيفت لاحقاً يتلوها الكاهن طالباً المغفرة عن خطاياه بإنكسار ليتمكن من تقديم القربان.

  • غياب نص “سرد الافخارستيا” أو ما يُسمى بالكلام الجوهري.

  • عدم الوضوح  الى من تُوَجَّه بعض الصلوات، هل الى الله الآب أو المسيح. لربما يعود هذا الغموض الى التاثير اليهودي الذي لا يسمّي اسم الجلالة، الله Yahvé صراحةً بل يستخدم قرينة: Adonai – السيدّ. نجد هذا الاسلوب في عدة صلوات في الطقس الكلداني، مثل: الشكر للصالح، المجد للصالح.. ذاك الذي باركنا أو الذي غفَر ذنوبَنا… الخ.

 بُنية الرتبة كما ورَدَت في هذه المخطوطة

هذه الرتبة مثل الرتبتين الاُخريين ثيودورس ونسطوريوس تتبع نفس الترتيب: خصوصاً الإنحناءات ܓܗܢܝ̈ܬܐ الأربع. بعض الإنحناءات تغيَّر موقعها لاحقاً2.

܀ ܛܝܒܘܬܗ ܕܡܪܐܢ ܝܫܘܥ ܡܫܝܚܐ… نعمةُ ربِّنا يسوعَ المسيح، ومحبةُ اللهِ الآب، وشِركةُ الروحِ القدس معـَنا جميعاً، الآن وإلى الأبد”. انها مقتبسة من الرسالة الثانية الى أهل قورنثية 13/ 14. جواب المؤمنين: آمين.

܀ ܠܥܠ ܢܗܘܘܢ ܡܕܥ̈ܝܟܘܢ. إرفعوا أفكاركم الى العلى

جواب المؤمنين: ܠܘܬܟ ܐܠܗܗ ܕܐܒܪܗܡ ܘܕܐܝܣܚܩ ܘܕܝܣܪܝܠ. ܡܠܟܐ ܡܫܒܚܐ اليك يا اله إبراهيم واسحق ويعقوب أيها الملك المُمَجَّد. هذا الجواب بديع لانه يؤكد ان إلهنا إله شخصي ومُحِبّ.

جواب المؤمنين: ܝܐܐ ܘܙܕܦ. لائق وواجب

 الشماس: ܫܠܡܐ ܥܡܢ.

܀ الانحناءة الأولى قبل قدوس: ܫܘܐ ܠܫܘܒܚܐ ܡܢ ܟܠ ܦܘ̈ܡܝܢ. ܘܬܘܕܝܬܐ ܡܢ ܟܠ ܠܫ̈ܢܝܢ…

ܠܪܒܘܬܟ ܡܪܝ ܣܓܕܝܢ ܐܠܦ ܐ̈ܠܦܝܢ ܕܥ̈ܠܝܐ ܘܪܒܘ ܪ̈ܒܘܢ ܕܡܠܐ̈ܟܐ. ܘܡܫܪ̈ܝܬܐ ܕ̈ܪܘܚܢܝܐ. ܡܫܡ̈ܫܢܐ ܕܢܘܪܐ ܘܕܪܘܚܐ. ܠܫܡܟ ܡܫܒܚܝܢ. ܥܡ ܟܪ̈ܘܒܐ ܘܣܪ̈ܦܐ ܩܕܝܫ̈ܐ. ܟܕ ܩܥܝܢ ܘܡܫܒܚܝܢ ܕܠܐ ܫܠܘܐ. ܘܩܪܝܢ ܗܢܐ ܠܗܢܐ ܘܐܡܪܝܢ

يستحقُّ ثالوثُك المجدَ من جميعِ الأفواه، والشكرَ من كل الألسنِ، والسجودَ والتعظيمَ من كافةِ الخلائق، أيها الآبُ والإبنُ والروحُ القدس، يا خالقَ العالم بنعمتِه، ومُبدعَ البشر برحمتِه، ومخلِّصَهم بحنانِه، ومفيضاً نعمةً عظيمة على المائتين. ومع أُلوف السماويِّين الذين يَسجِدونَ لِعَظَمَتِكَ، وَرِبواتِ الملائكة ومواكبِ الروحانيين خدامِ النورِ والروحِ، والكَاروبِيم وَالسَّرافِيم القديسين الذينَ يُسَبِّحونَ اسمَكَ نُنشدُ قائلين

جواب المؤمنين: قدوس قدوس…

܀ الانحناءة الثانية بعد قدوس: ܘܥܡ ܗܠܝܢ ܚ̈ܝܠܘܬܐ ܫܡ̈ܝܢܐ ܡܘܕܢܝܢ ܠܟ ܡܪܝ

ܐܦ ܚܢܢ ܥܒ̈ܕܝܟ ܒܨܝܪ̈ܐ ܘܚ̈ܠܫܐ ܘܕ̈ܘܝܐ… : ومع هذه القوّاتِ السماوية نَحمَدُك يا رب، ها قد اجتمعـنا نحنُ خدامك الضعفاءَ، للاحتفالِ بسرِّ الخلاص هذا الذي به أغدقتَ علينا نِعَماً عظيمة لا توفَى، فتجسَّدتَ لتُحيينا بألوهيتك، وعضَدتَ ضُعفَنا، وغفرتَ خطايانا، وأنَرتَ عقلَنا ونصَرتَ طبيعتَنا الضعيفة، بمراحِمِك الفائضة، فعلى كلِّ هذه النِعَم نرفعُ لكَ المجدَ والإكرام، والشُكرَ والسجود، الآن وإلى الأبد، آمين܀ هذه تغيرت في الطبعات اللاحقة وضعت قبل دعوة الروح القدس..

الشماس: ܒܡ̈ܕܥܝܟܘܢ ܨܠܘ ܫܠܡܐ ܥܡܢ. صلّوا في أذهانكم السلام معنا

܀ الانحناءة الثالثة هي تضرع ܟܘܫܦܐ لكنها في الطبعات الكلدانية بينما في كنيسة المشرق هي انحناءة كما في مخطوطة مار إشعيا: ܐܢܬ ܡܪܝ ܒܪ̈ܚܡܝܟ ܣܓ̈ܝܐܐ ܕܠܐ ܡܬܡܠܠܝܢ. ܥܒܕ ܕܘܟܪܢܐ ܛܒܐ ܘܡܩܒܠܐ. ܠܟܠܗܘܢ ܐܒ̈ܗܬܐ ܟܐ̈ܢܐ ܘܙܕܝܩ̈ܐ ܕܫܦܪܘ ܩܕܡܝܟ. ܒܥܘܗܕܢܐ ܕܦܓܪܗ ܘܕܡܗ ܕܡܫܝܚܟ. ܕܡܩܪܒܝܢܢ ܠܟ ܥܠ ܡܕܒܝܝܐ ܕܟܝܐ ܘܩܕܝܫܐ. ܐܟܡܐ ܕܐܢܬ ܐܠܦܬ ܢ. ܘܥܒܖ̣ ܥܡܢ ܫܝܢܟ ܘܫܠܡܟ ܟܠܗܘܢ ܝܘܡ̈ܬܗ ܕܥܠܡܐ.

ܐܡܝܢ.أنت يا رب بمراحمك الواسعة التي لا توصف إعمل ذكراً صالحاً ومقبولاً لكافة الآباء الأبرار والصديقين الذين احسنوا لديك بذكر جسد المسيح ودمه الذي نقرِّبه على المذبح المقدَّس والطاهر كما علمتنا. وامنحنا الأمن والسلام كل أيام حياتنا… ونفس الشي الصلاة أدناه.

ܕܢܕܥܘܢܟ ܟܠܗܘܢ ܥܡܘܪ̈ܝܗ ܕܐܪܥܐ. ܕܐܢܬ ܐܢܬ ܐܠܗܐ ܐܒܐ ܕܫܪܪܐ ܒܠܚܘܕܝܟ. ܘܐܢܬ ܫܕܪܬ ܠܡܪܢ ܝܫܘܥܢ ܡܫܝܚܐ. ܒܪܟ ܘܚܒܝܒܟ. ܘܗܘ ܡܪܢ ܘܐܠܗܢ ܐܠܦ ܠܢ ܒܣܒܪܬܗ ܡܚܝܢܝܬܐ. ܟܠܗ ܕܟܝܘܬܐ ܘܩܕܝܫܘܬܐ ܕܢܒ̈ܝܐ ܘܕܫ̈ܠܝܚܐ ܘܕܣ̈ܗܕܐ ܘܕܡ̈ܘܕܝܢܐ ܘܕܐܦܝܣܩ̈ܘܦܐ ܘܕܩ̈ܫܝܫܐ ܘܕܡܫ̈ܡܫܢܐ ܘܕܟܠܗܘܢ ܒ̈ܢܝܗ ܕܥܕܬܐ ܩܖܝܫܬܐ ܩܬܘܠܝܩܝ. ܐܝܠܝܢ ܕܐܬܪܫܡܘ ܒܪܘܫܡܐ ܕܡܥܡܘܕܝܬܐ ܩܕܝܫܬܐ.

܀ الانحناءة الرابعة: ܐܢܬ ܡܪܝ ܒܪ̈ܚܡܝܟ ܣܓ̈ܝܐܐ ܕܠܐ ܡܬܡܠܠܝܢ. ܥܒܕ ܕܘܟܪܢܐ ܛܒܐ ܘܡܩܒܠܐ ܠܟܠܗܘܢ ܐܒ̈ܗܬܐ ܟܐ̈ܢܐ ܘܙܕܝܩ̈ܐ ܕܫܦܪܘ ܩܕܡܝܟ. ܒܥܘܗܕܢܐ ܕܦܓܪܗ ܘܕܡܗ ܕܡܫܝܚܟ.ܕܡܩܪܒܝܢܢ ܠܟ ܥܠ ܡܕܒܝܝܐ ܕܟܝܐ ܘܩܕܝܫܐ.ܐܟܡܐ ܕܐܢܬ ܐܠܦܬ ܢ …

ونحن أيضاً، يا ربْ، خُدّامك الضعفاءَ، المجتمعين باسمِكَ، والقائمين قُدّامَك الآن، إذ قبِلنا بالتواتر الرسولي (هذه إضافة جديدة لعام 2020) عن آبائنا، ما رسَمَهُ إبنُك، فإننا نحتفلُ مسبِّحين وفرحين بِهذا السِّرِّ العظيم، الرهيب، المُقدّس، المُحيي والإلهي، سرِّ آلام ربّنا ومخلِّصنا يسوعَ المسيح وموتِه ودفنهِ وقيامتِهِ.

܀ دعوة الروح القدس. ܘܢܐܬܐ ܡܪ ܪܘܚܟ ܩܕܝܫܐ. ܘܢܬܬܢܝܚ ܥܠ ܩܘܪܒܝܐ ܗܢܐ ܕܥܒ̈ܕܝܟ. ܘܢܒܪܟܝܘܗܝ ܘܢܩܕܫܝܘܗܝ ܕܢܗܘܐܠܢ ܡܪܝ ܠܚܘܣܝܐ ܕܚܘܒ̈ܐ. ܘܠܫܘܒܩܢܐ ܕܚܛ̈ܗܐ. ܘܠܣܒܪܐ ܪܒܐ ܕܩܝܡܬܐ ܕܡܢ ܒܝܬ ܡ̈ܝܬܐ. ܘܠܚܵܝܐ ܚ̈ܕܬܐ ܒܡܠܟܘܬܐ ܕܫܡܝܐ ܥܡ ܟܠ ܕܫܦܪܘ ܩܕܡܝܟ..

ليأتِ يا ربْ روحُك القدّوس

وَيَحِـلّ على قُربانِنا هذا، ويبارِكْهُ ويقَدِّسْهُ، غفراناً لذنوبـِنـا وصفحاً عن خطايانا، ورجاءً عظيماً للقيامة من بينِ الأموات، وحياةً جديدةً في ملكوتِ السماء مع جميع الذين أرضوك. وبأفواهٍ مُنطلقة ووجوهٍ مشرقة، نَحمَدُك على تدبيرِك العظيم، ونُمَجِّدُك دَوماً في بيعتـِك المُفتداة بدمِ مسيحِك الكريم، الآن وإلى الأبد܀

بعد دعوة الروح القدس تاتي رتبة الكسر والمزج للتناول

 بحسب الطقس المطبوع عندنا: الانحناءة الاولى هي قبل السلام..: نحمَدك يا رب على نِعَمِك الغزيرة، إذ أهّلْتَنا بفيضِ مراحمِك، نحن الضعفاءَ الخطأة، للاحتفالِ بسرِّ جسدِ المسيحِ ودمِهِ، فاننا نسألُك متضرعين أن تَعضِدَنا لنَخدُمَك بمحبةٍ كاملة، وإيمانٍ حق، ونؤدّيَ لك المجدَ والإكرام والشكرَ والسجود الآن وإلى الأبد܀ 

طبعات الرتبة

حصلت مراجعات عديدة لقداس اداي وماري. نذكر منها طبعة 1767 للبطريرك يوسف الرابع هندي (1759-1881) كان في روما. للأسف أدرجَ فيها صلوات من القداس اللاتيني. نذكر على سبيل المثال: “انا اعترف لله” في البداية، وإستهلال إنجيل يوحنا، وصلاة يا أبا الحق ܐܒܐ ܕܩܘܫܬܐ وهي للموارنة، واُمّ ربّنا يسوع المسيح ܐܡܗ ܕܡܪܢ ܝܫܘܥ3.

قام البطريرك عبديشوع خياط (1895- 1899) باعداد دراسة جادّة للرُتَب الثلاث: أداي وماري وثيودورس ونسطوريوس، بالتعاون مع القس بولس بيجان اللعازري الإيراني الذي طبع نصوص القداديس الثلاثة في اورمية سنة 1890، لكن البطريرك خياط  لم يتمكن من طبعها بسبب وفاته. فقام خَلَفَه البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني بذلك في مطبعة الآباء الدومنيكان بالموصل سنة 1901. اُعيد طبع قداس أدّاي وماري سنة 1936 في المطبعة الكلدانية بالموصل.

 وفي عام 1971 قام السينودس الكلداني برئاسة البطريرك مار بولس الثاني شيخو برفع بعض الصلوات من الرتبة وطبعهها بخط القس توما حنونة. في سنة 1982 قام الخوراسقف فرنسيس اليشوران بإعادة طبعة 1901 لثلاث أنافورات مع ترجمة فرنسية وبإخراج مجلد أنيق.

كل هذه الطبعات كانت بالكلدانية. اول ترجمة الى العربية تعود الى المطران سليمان الصائغ ونشرها في كتيب صغير سنة 1936.

تجديد 2005

 عقد سينودس خاص بروما عام 2005، برئاسة البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي، لتجديد قداس أداي وماري وكنتُ مشاركاً فيه مع الأساقفة الآخرين.

قدم مسؤول اللجنة المطران الراحل سرهد جمو المسودة التي كان قد اعدَّها مع اللجنة الطقسية. كانت الدراسة تاريخية أكاديمية رصينة، لكنها لم تأخذ بنظر الاعتبارات الجانب الرعوية المرتبط بالتطورات الحالية للمجتمع والمتطلبات الثقافية .. كان المطرانان الراحلان اندراوس صنا واسطيفان بابكا قد إنسحبا منها، وبقي معه المطران الراحل جاك اسحق والأب المرحوم بطرس يوسف.. وكلما كنا نسأل عن نقطة معيّنة كانوا يجيبون اسالوا المطران سرهد. كنت قد عُيُّنتُ في اللجنة من قبل البطريرك بيداويد، لكن لم يتم أي لقاء لي مع اللجنة.

ناقشنا المسودة باسهاب، وطلب الأساقفة من المطران سرهد جموّ إدراج ملاحظاتهم في النص، وَعَدَ، لكنه لم ينفذ، بل قام بطبع النص كما كان قد أعدَّهُ قبلَ سينودس 2005. لهذا السبب لم يقبل به البطريرك عمانوئيل دلي ولا الأساقفة. وبقي المطران سرهد وحده يستخدمه. بصراحة دراسة المطران سرهد كانت أساس تجديد 2014 و2020، فالكنيسة مدينة له، رحمه الله.

تجديد 2014- 2020

خلال ست سنوات في عهدي، درس آباء السينودس الكلداني في دوراته السنوية مسودة اكثر تبسيطاً من مسودة المطران سرهد، آخِذة بنظر الاعتبار التطورات الثقافية والإجتماعية والراعوية وذهنية الناس ودعوات المجمع الفاتيكاني الثاني للتجديد (1962 – 1965).

 ضمَّت مراجعة قداس الرسل للآحاد وأيام الأسبوع، وتبسيطه ورفعت كل الصلوات السرّية (ܟܘܫܦ̈ܐ – التضرعات واابانا الذي في البداية والنهاية لان مكتنها الحقيقي هو في الوسط بعد رتبة التوبة وازلنا التكرارات. وفصل القداس اليومي عن قداس الاحاد لتسهيل الاستعمال. وقد إعتمدنا أيضاً دراسة الأب حيزاريه جيرلودوGesare Giraudo, The Anaphoral Genesis of the Institution Narrative in the Light of the Anaphora of Addai and Mari Rome 2013… وثبَّتَها المجمع الشرقي برسالة منشورة في طبعة 2014 تكون للاختبار لفترة خمس سنوات: وطبع بالكلدانية والعربية والإنكليزية.

بعده درس آباء السينودس القداس الثاني لثيودرس المصيصي وهو جوهرة ثمينة حقاً، وكان يُحتَفَل به في أحد الأول للبشارة الى أحد السعانين. اُهمِل القداس الثالث الطويل لنسطوريوس كونه تجميع compilation من الرُتَب الاُخرى، وفيه تكرار ووصف خيالي. كان يُحتَفَل به خمس مرات في السنة: الدنح، عيد مار يوحنا المعمد، خميس الباعوثا، تذكار الملافنة اليونان وخميس الفصح.

إشترك آباء السينودس جميعاً في الدراسة والإقتراح، وتمَّ التصويت بالإجماع كما تظهر تواقيعهم في المحضر. وبناءً على طلبهم أعدَدتُ رتبة جديدة مُبسَّطة باسم قداس مار توما الرسول، وتم دراستها في سينودس 2019. وقد ثبَّتَ الكرسي الرسولي الرُتَب الثلاث في 20 تشرين الثاني 2019. وقامت البطريركية بطبعها في 2020 بغداد بالكلدانية والعربية والإنكليزية. وصار الكهنة يحتفلون بالقداس بالكلدانية والعربية في المدن الكبرى، وفي القرى بالكلدانية والسورث. وقد أضفنا عناوين على الرُتَب الثلاث: مثل صلاة التقدمة، رتبة الكلمة، الطلبات، التذكارات، رتبة التوبة.. الخ.

صلاة التقدمة:

صلاة التقدمة كانت تُوجَّه الى المسيح ، فصَحَّحنا العبارة بتوجيهها الى الله الاب: “المسيحُ الذي ضحّى بذاته من أجلِ خلاصِنا، وأوصانا أن نصنعَ ذِكرى موتِه ودفنِه وقيامتهِ، وبحسب وصيَّتِه نقرّب لكَ، يا ربَّنا وإلهنا هذه الذبيحة ، فتَقبَّـلْها منّا بنعمتِك ورحمتِك الآن وإلى الأبد، آمين܀

 الكلام الجوهري

بخصوص الكلام الجوهري، حاولتُ إقناع آباء السينودس برفعِهِ من قداس أدّاي وماري لانه ليس موجوداً في الأصل و الى اليوم لا يستخدمه الاخوة في كنيسة المشرق الاشورية، وكان المجمع الشرقي قد شجّع على ذلك كنوع من الأصالة، لكن الأساقفة رفضوا ذلك وأصرّوا على إبقائه لأن المؤمنين ألِفُوه (تعودوا عليه)، فبقي.

القربان لا يتحول فقط بالكلام الجوهري الذي هو سرد للعشاء الأخير، إنما بمشاركة المؤمنين في الصلوات بإيمان من البداية الى النهاية. إيمانهم وصلاتهم يحوّلان الخبز الى جوهر جسد المسيح. فالغرض في الافخارستيا هو أن يَحِلّ الجسد المبارك محلّ الخبز، وليس تحقيق الحضور الإلهي مادياً، ولا إلى تطبيق المراحل الخلاصية من حياة ربّنا يسوع المسيح الأخيرة على مختلف أجزاء القربان المقدس.

إن معنى التكريس ليس في تحويل المواد، بل في حصول المؤمنين على نعمة الخلاص الذي نالوه في المعمودية ويتجدد باستمرار في القربان المقدس.

يشرح الأب فرانسو فاريون اللاهوتي، معنى هذا التحول: “لم يردْ قط في الكنيسة أن يؤمن المسيحيون بان كلمات التقديس تُغيّر بنية الخبز الطبيعية الكيمياوية، إنما معنى الاستحالة: هو تحوّل جوهر الخبز الى جوهر جسد المسيح.. (كتاب فرح الايمان بهجة الحياة، للأب فرنسوا فاريون اليسوعي بيروت ط5 سنة 1996 ص 303).

__________________________________________________________________________

1 F. Macomber, The Oldest Known Text of the Anaphora of the Apostles Addai and Mari, OCP 32(1966)335-371. See also Sébastian Brooke in The Anaphora l Genesis, of the institution Narrative in the Light of the Anaphora of Addai & Mari, OCA 295, Rome 2013 pp/72-81 ؛ Jacob Vellian, Raza : the Most Solemn Qurbana, Kottayam- indie 1989.

لديَّ أيضا نسخة   المخطوطة المصورة عندي.  Vincent Van Vossel, The Chaldean Mass Over 50 years Baghdad 2025 

3 لويس ساكو سِير بطاركة كنيسة المشرق وبطاركة الكنيسة الكلدانية ط2 منقحة ومزيد عليها، بغداد 2023 ص 179


هذا المقال نُشر على موقع البطريركيّة الكلدانيّة.

Previous
Previous

تأمل غبطة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا: الأَحَد الثّاني والعِشرون من الزَّمن العادي (ج)

Next
Next

سهرة عَ شوار قنوبين مبادرة ثقافية جديدة في حديقة البطاركة برعاية وحضور غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي