كلمة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في إفتتاح مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة
تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في إفتتاح مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة، الأحد 2 أيلول/ سبتمبر 2025، في مدرسة سيّدة اللويزة.
1. يسعدني أن أفتتح، باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة الحادي والثلاثين، في هذا الصرح التربويّ، مدرسة سيّدة اللويزة في زوق مصبح، التابعة للرهبانيّة المارونيّة المريميّة التي أحيّيها باسم رئيسها العام الأباتي إدمون رزق، كما أحيّي رئيس هذه المدرسة الأب حنّا الطيّار على استضافة هذا المؤتمر. وموضوعه: "نحو تربية أكثر إنسانيّة في العصر الرقميّ: رجاء للحاضر ورؤية للمستقبل".
إنّه عنوان يجمع بين تحديات عصرنا الرقميّ، وحاجة إنسان اليوم أن يبقى إنسانًا، بكلّ ما للكلمة من معنى، في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة.
إنّها تربية ذات بعدين: رجاء للحاضر، ورؤية للمستقبل.
أمّا الرجاء للحاضر فهو إيماننا، رغم الأزمات التي نعيشها، والأفق المقفلة بوجه أجيالنا الطالعة، بأنّنا ما زلنا قادرين أن نزرع الرجاء في قلوبهم. فالرجاء، هو أن تظلّ مدارسنا منارة في زمن الضباب، وجسرًا بين المعرفة والفضيلة، وبين التقنيّة والأنسنة.
وأمّا الرؤية للمستقبل فهي أن نبني جيلًا واعيًا ومسؤولًا، يطوّع التكنولوجيا لخدمة الإنسان، ويضع العلم في خدمة السلام، والمعرفة في خدمة التنمية، والتقدّم في خدمة الكرامة الإنسانيّة.
2. لقد وهبنا الله العقل لنبدع ونطوّر ونخترع، والتكنولوجيا الرقمية هي من ثمار هذا العقل المبدع. غير أنّ هذه الأداة، على أهميتها، يمكن أن تتحوّل من وسيلة بنّاءة إلى خطر يهدّد إنسانيتنا إذا فقدنا التوازن بين التقدّم التقني وعمق القيم الإنسانية.
التكنواوجيا الرقميّة تفتح أمامنا أبواب المعرفة على مصراعيها، لكنها أيضًا تحمل إلينا مخاطر الانعزال الاجتماعي، والتعلّق بالشاشات بدل التفاعل مع الوجوه، وتجزئة الانتباه بدل التركيز، وتحويل الإنسان إلى مستهلك للمعلومة بدل أن يكون منتجًا ومبدعًا لها.
من هنا تأتي رسالتنا التربوية في مدارسنا الكاثوليكية: أن نُعدَّ الأجيال الجديدة لا لتكون ضحية التكنولوجيا، بل سيّدة لها؛ لا أن تتخلّى عن إنسانيتها لتلتحق بالآلة، بل أن تسخّر الآلة لخدمة الإنسان، وتنمية عقله وروحه وقلبه…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.