عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة، الأحد 7 أيلول/ سبتمبر 2025، في الصرح البطريركي - الديمان، لبنان.

"مرتا إنّك تهتمّين بأمور كثيرة والمطلوب واحد اختارته مريم" (لو 10: 42).

1. مرتا تنهمك بشأن الضيافة ليسوع، فيما أختها مريم جلست عند قدميه تسمع كلامه. ولـمّا أتت تشتكِ أختها لتساعدها، أجابها الربّ يسوع: "مرتا، مرتا،إنّك تهتمّين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد، وهو النصيب الأفضل الذي اختارته مريم" (لو 10: 42).

ينطوي هذا الحدث على بعدين أساسيّين: الأوّل، أهميّة الإصغاء إلى كلمة اللّه، الذي اختارته مريم. والثاني، قيمة الخدمة التي انهمكت بها مرتا. لم ينتقد الربّ يسوع موقف مرتا، وانهماكها في إعداد الطعام المادي له. لكنّه أراد أن يقول لها: عنده طعام آخر روحيّ، له الأولويّة هذا الطعام اختارته مريم، وذكّر به مرتا. ولقد ركّز يسوع أكثر من مرّة على المأكل والمشرب الأفضل الذي يحمله للعالم: فللمرأة السامريّة قال إنّه يحمل ماء، من يشرب منه، لن يعطش أبدًا، بل يجري منه ماء الحياة، وهذا الماء الروحيّ هو الروح القدس. وفي كفرناحوم قال: "لا تعملوا للقوت الفاني، بل اعملوا للقوت الباقي للحياة الأبديّة". هذا القوت يعطيه ابن الإنسان. وأضاف: "أنا هو الخبز الحيّ النازل من السماء. من يأكل منه يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أعطيه أنا هو جسدي أبذله من أجل حياة العالم" (يو 6: 51).

2. يسعدني أن أرحبّ بكم جميعًا للمشاركة في هذه الليتورجيا الإلهيّة، التي نحن فيها مدعوّون للجلوس إلى مائدة الكلمة الإلهيّة، وإلى مائدة جسد الربّ يسوع ودمه. هذه المائدة المزدوجة هي الطعام الروحيّ الذي يحمله الربّ يسوع لحياة العالم.

3. في الليتورجيا الإلهيّة نعيش خبرة مريم الجالسة عند قدمي يسوع تسمع كلامه. القدّاس يذكّرنا أنّ حياتنا الأساسيّة ليست بكثرة انشغالاتنا، بل بالعيش في حضرة اللّه. ولذلك نضع جانبًا إهتماماتنا الدنيويّة وهمومنا اليوميّة، لننفتح على كلمة الربّ ونتّحد به في جسده ودمه. هنا نتعلّم أنّ الإصغاء لله هو أساس كلّ خدمة وعمل. الذبيحة الإلهيّة تعيد ترتيب أولويّاتنا: اللّه أوّلًا، منه ننطلق، وإليه نعود.

4. الكلام الإلهيّ يقود كلّ مؤمن ومؤمنة إلى معرفة اللّه، الذي هو نورنا في الطريق (مز 119: 185)، لكي "لا نزلّ ونتيه" (مز 121: 3). إنّ كلمة الله هي روح الحياة المسيحيّة وأساسها. فهي تعطي معنى للحضور المسيحيّ في الشرق الأوسط، وتنعشه، فلا يكون حضورنا مجرّد انتماء اجتماعيّ أو إنجازات اقتصاديّة، بل ثقافة حياة وحضارة محبّة. والكلمة تذكّرنا بضرورة التزامنا في العالم، والعمل من أجل العدالة والمصالحة والسلام، ومن أجل المساهمة في جعل المجتمع أكثر إنسانيّة…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسها… افتتاح جلسات لجنة العلاقات بين الكنيستين القبطية والروسية بموسكو

Next
Next

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يصل إلى مطار لوس أنجلوس الدولي - كاليفورنيا، الولايات المتّحدة الأميركية