عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في أحد بشارة العذراء

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في أحد بشارة زكريّا، يوم الأحد 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، في الصرح البطريركي الماروني - بكركي، لبنان.

"ها أنا أمة الرّب، فليكن لي بحسب قولك" (لو 38:1)

1. في هذا الأحد الثاني من زمن الميلاد، أو المجيء، تحتفل الكنيسة ببشارة الملاك جبرائيل لمريم فتاة الناصرة المخطوبة ليوسف، فبعد أن بلّغها الدعوة الإلهية بأن تكون أمًّا لابن الله العلي، بقوة الروح القدس، أجابت: "ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38). بشارة العذراء هي افتتاح زمن جديد، وبداية تاريخ جديد، فيه يعتلن سرّ تجسّد الكلمة الإلهي.

2. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا بهذه الليتورجيّا الإلهية، ولالتماس نعمة الله، وشفاعة مريم العذراء، للإصغاء مثلها، ولحفظ أرضنا ونشر السلام في بيوتنا وقلوبنا.

3. مريم هي "الممتلئة نعمة" لأنها نالت منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمّها، العصمة من الخطيئة الأصلية الموروثة من أبوينا الأولين آدم وحواء، استعدادًا، وفقًا لتدبير الله الخلاصي، لتكون والدة مخلص العالم وفادي الإنسان. وبكلمتها: "أنا أمة الرب" بدأ التاريخ الجديد، وبدأ العهد الجديد الذي بدّل وجه البشرية.

إنّ كل شيء يبدأ من القبول. هكذا كان قبول مريم: قبولٌ حر، واعٍ، ناضج، يعرف أن الرسالة ليست سهلة، وأن الطريق يحمل صليبًا قبل أن يحمل مجدًا. بهذا القبول، نالت النعمة، وانتقل التاريخ من الانتظار الطويل إلى بداية الخلاص. في هذه اللحظة صار رحم مريم المكان الذي حلّت فيه كلمة الله، كما تحلّ اليوم في قلوبنا حين نصغي بصدق.

البشارة لحظة جمال لا يوصف، لحظة يلتقي فيها الروح القدس بالبشرية، لحظة تنفتح فيها الأرض على السماء. إنّ كلمة الله لا تستقرّ إلا في قلوب نقيّة، كما استقرّت في مريم العذراء.

4. في الليتورجيا، نقرأ إنجيل البشارة كحدث يتجدّد في قلب كلّ مؤمن. فالروح القدس الذي حلّ على مريم، يحلّ اليوم في الجماعة التي تجتمع للصلاة، والكلمة التي تجسدت في أحشائها، تتجسّد روحيًا في حياتنا عندما نقبلها بصدق.

هنا تظهر قيمة "نعم" مريم، فهي ليست فعلًا بشريًا فقط، بل هي بابٌ فتحه الإنسان لله، فدخل الله من خلاله إلى التاريخ. وهكذا يصبح كلّ مؤمن مدعوًا أن يقول: "ليكن لي بحسب قولك" ليس بالكلام بل بمسار حياة. فالقداس هو مدرسة "النَعم". نقول "آمين" في نهاية كل صلاة، وهذه "الآمين" هي الطبيعة الروحية لكلمة "نعم". هي قبول، وثقة، وتسليم. ومن لا يفتح قلبه لا يدخل الله إلى حياته. ومن لا يقبل لا يستطيع أن يتغيّر…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريريكيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقداس أحد بشارة العذراء مريم

Next
Next

"في وَحدة الإيمان"