عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأحد الرابع بعد عيد الصليب

تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في الأحد الرابع بعد عيد الصليب، يوم الأحد 12 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2025، في الصرح البطريركي في بكركي – لبنان.

"من تراه الوكيل الأمين الحكيم" (متى 24: 45).

1. في هذا المقطع الإنجيلي، يستخدم الرب يسوع صورة الوكيل الذي أقامه سيده على أهل بيته، ليعطيهم الطعام في حينه، أي ليهتم بشؤونهم بأمانة وحكمة. وهنا، يتحدث الرب عن كل إنسان، لأن كل إنسان هو وكيل على حياته، على عائلته، على مسؤوليته، على موهبته، وعلى الأرض التي يعيش عليها.

وهذا المقطع هو دعوة لنا جميعًا، مسؤولين ومواطنين، رعاة وعلمانيين، شبابًا وكهولاً، أن نعيش في كل يوم أمانة الدعوة وحكمة التصرف، لأن سيد البيت سيأتي في ساعة لا نعرفها، وسيُحاسِب كل واحد وواحدة حسب أمانته. فكل واحد منّا، مهما كان موقعه في العائلة أو الكنيسة أو المجتمع أو الوطن، هو وكيل. نحن لا نملك شيئًا، بل أوتمنّا على الحياة، على الوقت، على المواهب، على الجماعة، وعلى الوطن. والرب سيسألنا يومًا: «كيف عشتَ هذه الوكالة؟».

الوكيل الأمين الحكيم هو الذي يعيش الحاضر بمسؤولية ويقظة، لا يتهرّب من واجبه ولا يستخف بثقة سيده. يسهر لا بدافع الخوف، بل بدافع المحبة والوفاء. أما الوكيل الرديء فهو الذي يظن أن سيده بعيد، فيظلم الآخرين ويعيش اللامبالاة. أمّا الدينونة التي يتحدث عنها الرب فليست حكمًا مفاجئًا، بل هي ثمرة مسار الحياة: مسار أمانة أو إهمال، حكمة أو استهتار.

2. إنّنا نرحّب بكم جميعًا، وبخاصّةٍ بعائلة المرحوم أنطوان قيصر رشدان. فنصلّي لراحة نفسه وعزاء أسرته: زوجته وأولاده وسائر أفراد العائلة، وقد ودّعناه معهم منذ أسبوعين. مع تحيّة خاصّة لCross Road” - درب الصليب"، وهي مجموعة معوّقين وذوي الاحتياجات الخاصّة بدأت سنة 1995، بهدف مساعدة رفاق آخرين، مصابين ولكنهم غير قادرين على العمل وسد احتياجاتهم. ومع الوقت ازداد عدد الرفاق تباعًا من مساهمين ومحتاجين. وفي سنة ٢٠٠٦ حصلت المجموعة على رخصة قانونية باسم "كروس رود - درب الصليب". وبمساعدة العناية الإلهية استطاعوا خدمة من هم في منازلهم ومساعدة بعضهم بعضًا في العمل وفي مواجهة المخدرات والآفات السامة.

إنهم لا يزالون لغاية الآن يخدمون رفاقهم من خلال تأمين احتياجاتهم الطبية وأدويتهم ومتابعة دورية للفحوصات العامة وما يحتاجون إليه، وهم يخططون لإنشاء مركز روحي، ثقافي، رياضي وصحي وفق الاحتياجات بمثابة متنفّس يؤمّن لهم الدعم الكامل روحيًا ومعنويًا وماديًا.

3. "من تراه الوكيل الأمين الحكيم" (متى 24: 45). القداس الإلهي الذي نحتفل به اليوم هو علامة لأمانة الرب التي لا تتغير. ففي كل ذبيحة، يعطي الرب أبناء بيته «الطعام في حينه»، أعني كلمته المحيية وجسده الكريم ودمه. هذه المائدة السماوية تعلّمنا أن نكون نحن أيضًا أمناء وحكماء في رسالتنا اليومية، نسهر على خدمتنا بمحبة ووعي، ونوزع الخير في وقته.

تضعنا الليتورجيا الإلهيّة اليوم أمام حقيقة عميقة: نحن نحتفل بذبيحة الإفخارستيا، التي فيها يجتمع السيد بوكلائه، لا ليحاسبهم فورًا، بل ليغذيهم بكلمته ويقويهم بجسده ودمه، حتى يستطيعوا أن يعيشوا دعوتهم بأمانة وحكمة وعدالة…

إضغط هنا للإطّلاع على الصور.

هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

‎قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يقدّس كاتدرائية أمّ النور في إربيل

Next
Next

قداسة البابا لاون الرّابع عشر ترأّس الجلسة الختاميّة للسّينودس الاستثنائيّ للكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة