مجلس كنائس الشرق الأوسط وهيئة "الكنيسة بالعمل" في هولندا في حلب

هنا صوت الأمل يعلو صوت الحرب والدمار

تقرير لمى حلاوي - مكتب سوريا

تصوير بولا أنطون

من يزور حلب ويجول في شوارعها يمكن أن يرى الآثار التي تركتها الحرب على هذه المدينة لا بل يمكنه أن يسمع أنين أوجاعها. لكن وسط كلّ هذا الدمار، يمكن أيضًا ملاحظة إصرار كبير من أهالي حلب على ترميم مدينتهم وحياتهم من جديد لتعود إلى ما كانت عليه، مستعينين باللّه، مؤمنين أن قوّته سند وحيد لهم لإعادة بناء ما هدمته يد الشرّ والحرب.

كان مجلس كنائس الشرق الأوسط وهيئة "الكنيسة بالعمل" في هولندا، مساندين للسوريين وأهالي حلب من خلال "صندوق ترميم وتأهيل المنشآت الكنسيّة والاجتماعية المتضرّرة جراء الأزمة في سورية" بهدف ترميم ما أفسدته الحرب ليعود الأمل إلى الناس الذين هم الحجارة الحيّة لكنيستهم.

 

في اليوم الرابع من زيارتهم التفقّدية للبرنامج، استهل وفد من منظّمة "الكنيسة بالعمل" ووفد من دائرة الخدمة والإغاثة – دياكونيا، جولتهم مع متروبوليت أبرشية حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس، نيافة المطران أفرام معلولي على مطرانية الروم الأرثوذكس القديمة في حلب حيث اطلعوا على أقسام البناء وقدّم سيادته شرحًا عن المكان وما أصابه من خراب خلال فترة الحرب. ثم اتجهوا إلى كنيسة رقاد السيدة العذراء للروم الأرثوذكس، حيث استمعوا لشرح عن تاريخ الكنيسة.

 

حجار الكنيسة الحيّة

الكنيسة الإنجيليّة العربية في حلب، هي واحدة من الأبنية التي طالتها الحرب وهُدِمت بالكامل. ساهم مجلس كنائس الشرق الأوسط بالتعاون مع هيئة "الكنيسة بالعمل" في هولندا، على ترميم المركز الإنجيلي للنشاطات الروحية في هذه الكنيسة وذلك ضمن برنامج ترميم وتأهيل المنشآت الكنسيّة والاجتماعيّة جراء الأزمة في سورية.

هذه الكنيسة التي تأسّست في حلب في العام 1853 كنتاج لخدمة الإرساليات الغربية التي حضرت إلى الشرق الأوسط، يصفها الرئيس الروحي للكنيسة الإنجيليّة العربية في حلب، القسّ إبراهيم نصير أنها "ملحًا يذوب في العالم ونورًا يسود على الأرض"، مؤكدًا أن "من خلق الإنسان من لا شيء قادر أن يخلق مجتمع جديد في مدينة حلب يشهد لعظيم صنيع الله في يسوع المسيح تجاه الجنس البشري".

ساهم مجلس كنائس الشرق الاوسط خلال برنامجه في العام الماضي، بإعادة بناء الكنيسة والتي لا تزال قيد الإنشاء. جاءت مساهمة المجلس في تجهيز قبو الكنيسة. زار الوفد المكان مطلعًا على أعمال البناء والأقسام التي تم الإنتهاء من العمل فيها.

الوجهة الثانية كانت إلى دار مار الياس لرعاية المسنين، والذي ساهم "صندوق ترميم وتأهيل المنشآت الكنسيّة والاجتماعية المتضرّرة جراء الأزمة في سورية" خلال العام الماضي بإعادة ترميمه، وقد استعادت الدار معالمها الجميلة. جال الوفد في الدار واستمعوا لشرح عن أقسامه وتاريخه والأذى الذي لحق به خلال فترة الحرب.

الوجهة الأخيرة في زيارة حلب كانت إلى مركز لدعم الشباب، والذي تعمل كنيسة الأرمن البروتستانت على إنشائه مستفيدة من مساعدة مجلس كنائس الشرق الأوسط وهيئة "الكنيسة بالعمل". المركز هو عبارة عن "Study Zone" يكون ملتقى للشباب ومكانًا للمطالعة والدراسة، بالإضافة إلى تأسيس نادي رياضي.

القسّ الدكتور هاروتيون سليميان رئيس طائفة الأرمن البروتستانت في سورية، رافق الوفد خلال الزيارة وقدّم شرحًا وافيًا عن الأعمال التي تمّ تنفيذها والهدف من هذا المشروع بالنسبة للشباب في حلب.

الدكتور القسّ سليميان قال إنّ الكنيسة أرادت أن توفّر مكانًا آمنًا للطلاب يساعدهم على الدراسة والمطالعة، وملتقى للشباب من أديان وطوائف مختلفة، إذ أنه في هذه المنطقة تتعايش الأديان والطوائف المختلفة معًا منذ مئات السنين.

وأكد أن الشباب اليوم يحتاجون إلى مكان آمن يجتمعون فيه، خاصةً أنّهم اليوم أصبحوا معرّضين للتعاطي في الكثير من الأمور اللاأخلاقية، لذا عندما تكون هذه المراكز الشبابية تحت رعاية الكنيسة، تتوفّر للشباب البيئة الآمنة التي يحتاجون إليها للإلتقاء وتبادل الأفكار.

 

دعم الوجود المسيحي في سورية

ختام جولة اليوم الرابع كانت في مدينة محردة بمحافظة حماة، حيث دير القديس جاورجيوس التابع لبطريركية الروم الأرثوذكس، والذي تمّ العمل فيه على ترميم جناح المطران والقسم المخصّص لاستقبال المخيمات من مختلف الكنائس.

الدير تأسس عام 1941 في عهد المطران الراحل المثلث الرحمات إغناطيوس حريكة مطران حماة، وكان منارة روحية ودينيّة وعلميّة وثقافيّة لأهالي محرده.

تفقّد الوفد الأقسام التي تمّ العمل على ترميمها واستمعوا لشرح الأب بولص حداد رئيس الدير.

من جهتهم أكد أعضاء الوفد من هيئة "الكنيسة بالعمل" على أهميّة مشروع "صندوق ترميم وتأهيل المنشآت الكنسيّة والإجتماعية المتضرّرة جراء الأزمة في سورية"، الذي من شأنه دعم الوجود المسيحي في سورية، وترميم المباني والنفوس التي تهدّمت وتأذت بفعل الحرب.

وأثنوا على الجهد الذي بذله مجلس كنائس الشرق الأوسط بالتعاون مع الكنائس لتنفيذ المشروع على الأرض، موضحين أنهم فرحوا لرؤية الكنائس والمدارس ومراكز الأنشطة الدينيّة والتعليميّة وقد عادت إليها الحياة مجددًا، بعد أن دمّرتها الحرب.

Previous
Previous

مومنتوم أسبوعيّة إلكترونيّة من مجلس كنائس الشرق الأوسط

Next
Next

لا تقدّم في المفاوضات، الناس يموتون وسُبل عيشهم مهدّدة نتيجة تأثير التغيّر المناخيّ