كلمة الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس في افتتاح اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس

English

ألقى الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس هذه الكلمة في افتتاح اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس الّذي انعقد يومي 10 و11 كانون الأول/ ديسمبر 2025، في بيروت.

البروفسور ميشال عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة والاحترام،

حضرة الأمناء العامين المشاركين

حضرة الزملاء المحترمين

تلتئم اللجنة التنفيذية اليوم والمنطقة تمر بمرحلة انتقالية تعيش خلالها مخاضاً عسيراً. ان التحولات الكبرى التي تجري في المنطقة لن تكون دون كبير الأثر على بناها الاجتماعية والثقافية ومستقبلها.

في خضم هذه الفوضى الاقليمية التي تضع مجتمعاتنا في مهب الريح، تحاول الكنيسة ان تبقى متماسكة من ناحية مؤسساتها، التي تعاني الامرين لكي تستمر قدر المستطاع، ومن ناحية الرعايا، ناس الكنيسة الذين يمرون بصعوبات حياتية على كل الصعد، اقلها الاقتصادي، وأصعبها الرؤية المستقبلية وتطلعات اجيالها الصاعدة.

الهجرة تضرب كل فئاتنا الاجتماعية، في المشرق الانطاكي خصوصا، وفي وادي النيل وشمال افريقيا، الفقر ينتشر، الجفاف والتغير المناخي يجتاحنا، وأصبحنا نتأكد يوما بعد يوم اننا لا نملك مصيرنا ولا نسيطر على مسار حياتنا، لا في يومياتها ولا في مداها البعيد.

في هكذا مناخ نفسي اجتماعي اقتصادي نعمل، لا يبشر بالخير الا ما كتبه لنا المسيطرون على شؤون العالم، القيمون على الدولة العميقة، هؤلاء الذين يكتبون لنا مصائرنا، حتى في بؤسنا، والتدابير المتعلقة بالتمويل للهيئات الإنسانية التي اتخذت مؤخرا، والتي انعكست سلبا على عملنا، لا تخرج عن هذا الإطار، وليست الا رأس جبل الجليد في سيطرة أصبحت واضحة المعالم على مقدرات الكون.

لقد كنا قد أكدنا في عملنا في المجلس، وخلال المناسبات/الندوات التي اقمناها في السنة الخمسين من عمره، ان توجهنا لا بد ان يكون طويل الأمد، وهذا ما يجب ان يحكم تطلعاتنا وممارساتنا، وعلى هذا الأساس قد عملنا منذ الإطار الاستراتيجي الذي رسمناه عام 2021، كما الاطار الحالي الذي سوف نعرضه لاحقا خلال هذا الاجتماع والذي هو نتاج مناقشات ومداولات جرت وتجري بشكل مستمر، وتؤول الى تحديث التوجهات والعمل في المجلس.

في هذا السياق، هناك قرارات إدارية هامة لا بد ان تتخذها لجنتكم الموقرة، خطوات في توجه الأمد الطويل في تفكير وإدارة المجلس، في تصليب بناه الإدارية والثقافية وفي رؤيته المستقبلية التي تحكم تحديد الأولويات ووسيلة التعامل معها. ان المضي قدما في مأسسة المجلس ووسائل عمله هو السبيل الناجع لتأمين استدامة هذه المؤسسة المباركة التي صمدت 50 عاما رغم الازمات التي عصفت بها والتحديات التي واجهتها. ان الاستمرار خلال النصف قرن الذي مضى، وضرورة المجلس وحاجة منطقة الشرق الأوسط اليه، هم الحافز الأكبر لكي نؤمن الاستمرار لعقود كثيرة سوف تلي. بناء عليه، فان الاستدامة على كافة الصعد، هي احدى تحدياتنا الأساس.

سوف نقوم غدا بزيارة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، وهو قد أصبح على معرفة متقدمة بالمجلس وبطرق تفكيره وتوجهاته المسكونية والحوارية، وسوف نتشارك معه بعضاً من افكارنا وتطلعاتنا من اجل مستقبل أفضل للمسيحيين ولمجتمعاتهم في الشرق الأوسط، حيث شكل المجلس أداة تنمية وتقدم في الكثير من الصعد، وكان المقدام في إطلاق الكثير من المبادرات، التنموية منها والحوارية، وهذا التوجه مثبت في الإطار الاستراتيجي الذي ذكرته اعلاه.

لا بد لنا ان نذكر في هذا السياق المصداقية العالية التي يتمتع بها المجلس، اكان لدى الشركاء الدوليين او الشركاء المحليين، وهذه المصداقية ليست الا النتيجة الحتمية للعمل الدؤوب الصادق والشفاف لهذا الفريق الذي يبذل ما استطاع من طاقة ودراية، مسلحتين بالإيمان، من اجل ان تكون مؤسسة العمل المسيحي المشترك هذه، قبلة انظار المؤسسات ومرجعا لها، كما هي الحال اليوم.

لقد شكلت زيارة قداسة الحبر الاعظم علامة فارقة في هذه المرحلة التاريخية من حياة هذه البلاد، لبنان والشرق الأوسط، وقد شارك المجلس بشكل كثيف في هذا الحدث المبارك والشديد الأهمية، وكنا قد ارسلنا كتابا مفتوحا الى قداسته عرضنا فيه وضع البلاد وتطلعات ابناءها. الجدير ذكره أيضا في هذا السياق هو اشتراك الأمين العام في تطويب القديس اغناطيوس مالويان، أحد شهداء مجازر الأرمن، وزيارته ثلاثةً من دوائر الفاتيكان ولقاء بعض الكرادلة في سياق تطوير علاقة المجلس بالفاتيكان.

في سياق متصل، لا بد ان افيدكم ان امين عام مجلس الكنائس العالمي سوف يقوم بزيارة الى سوريا مرورا بلبنان، وتقوم دوائر مجلس الكنائس العالمي بتنسيق هذه الزيارة معنا، وكنا قد شاركنا بشكل كثيف في المؤتمر الذي عقده مجلس الكنائس العالمي في الذكرى ال 1700 لمجمع نيقية في مركز لوغوس البابوي في وادي النطرون.

مختصر الكلام اننا مشاركون في كل مناسبة نجد ان مصلحة العمل المسكوني ان يشارك المجلس فيها، ووجودنا يعتبر دوما قيمة مضافة على ضوء مساهمتنا في تجويد وانجاح ما نشارك به، والمرتكز على كفاءة وتفاني الزملاء العاملين.

اختم كلمتي بالترحيب بسيادة الاسقف دامسكينوس الازرعي عضوا في اللجنة التنفيذية، يحل مكان سيادة المطران نقولا أنطونيو الذي استقال بعد عقود من المساهمة في عمل المجلس. للأسقف دامسكينوس أقول أنه خير خلف لخير سلف، اهلا به يغني مناقشاتنا واعمالنا بكفاءته ومحبته المعهودتين.

على بعد أيام من ولادة المخلص، وفي زمن المجيء، أقول لكم أعضاء اللجنة التنفيذية والزملاء الكرام، الا بارك الرب خدمتنا جميعا، نرفع اسمه الخلاصي عاليا، إيذانا بالعهد الجديد.

بيروت 10.12.2025

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط يصدر نشرته الأسبوعيّة

Next
Next

دائرة الشؤون اللّاهوتيّة والعلاقات المسكونيّة في مجلس كنائس الشرق الأوسط تطلق إصدارًا جديدًا