مار توما الرسول: شفيع البطريركيّة الكلدانيّة
"ربّي وإلهي"
إيمان وتجدّد وحياة
إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط
إيمانه عبور متواصل إلى القيامة والحياة والتجدّد. هو صيّاد السمك الملقّب بالتوأم من الجليل. لبّى دعوة الربّ من دون تردّد، شاهدًا له ولعجائبه. إنّه القدّيس توما الرسول الّذي صرخ بثقة كبيرة "ربّي وإلهي".
مار توما الرسول هو أحد تلاميذ الربّ يسوع الإثني عشر الّذي تحتفل به كلّ العائلات الكنسيّة في ليتورجيّتها وزرنامتها، وهو أيضًا شفيع البطريركيّة الكلدانيّة الّتي تستمدّ منه الإيمان الراسخ بيسوع المسيح وتحتفل به سنويًّا في الثالث من تمّوز/ يوليو.
هذا الإيمان الّذي شدّد عليه غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط، في إحدى رسائله، حين قال:
"إيمان توما العميق، عندما انضم إلى الكنيسة في العليّة في اليوم الثامن، هو قوّة عظيمة تزرع الأمل في قلوبنا على الرغم من التعب، تثبّت ثقتنا، تساعدنا أيضًا في التغلّب على الصعوبات والتحدّيات التي بدأتها محاولات "قوى الشر".
ثقة راسخة بالربّ يسوع
بحسب المصادر الكنسيّة، يظهر القدّيس توما الرسول في إنجيل يوحنّا عبر مواقف عدّة توثّق ثقته العميقة بالربّ يسوع.
من هنا، نلاحظ مدى إصرار توما على اتّباع المسيح مهما كانت المجازفة، وكذلك مدى اشتياقه إلى معاينة عمل الله، ونلتمس ذلك عندما أعلم السيّد المسيح بأنّ لعازر مريض.
في هذا الموقف، أراد يسوع الذهاب إلى لعازر في اليهوديّة فاعترضه توما قائلًا: "يا معلّم، الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك وتذهب إلى هناك" (يوحنّا 11: 8). أجابه السيّد " لعازر حبيبنا... مات، وأنا أفرح لأجلكم، أنّي لم أكن هناك لتؤمنوا. ولكن لنذهب إليه"، فمن دون تردّد قال توما لسائر التلاميذ "لنذهب نحن أيضًا لكيّ نموت معه".
في السياق نفسه، تشير المصادر الكنسيّة إلى أنّ توما الرسول إنسان صريح وواقعي، يطلب دائمًا الاستفسار والاستيضاح كي يفهم كلّ ما تقدّم أمامه من معلومات ومعطيات.
يمكننا ملاحظة هذا الجزء من شخصيّة توما في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل يوحنّا، حين قال الربّ يسوع لتلاميذه: "في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعد لكم مكانًا" (يو 14: 2)... "وتعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق" (يو 14: 4).
حينها أجابه توما "يا سيّد لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق"، فكان ردّ السيّد المسيح " أنا هو الطريق والحق والحياة".
بشارة مار توما الرسول
حقًّا سار توما الرسول في طريق الربّ وأخذ يكرز ويبشّر بإسم يسوع المسيح في مختلف المناطق ويردّ الكثيرين إلى الإيمان بالمسيح.
بحسب المراجع، بشّر توما في اليهوديّة كما سائر الرسل. بعدها، انتقل إلى الشرق، وفق الآباء، حيث التقى بالمجوس الّذين سجدوا للطفل يسوع في بيت لحم. هذا وجاء الرسول توما إلى الحبشة حيث عمّد الكثير كما قال القدّيس يوحنّا الذهبي الفم. علاوة على ذلك، تابع مار توما الرسول بشارته في بلاد الرها في سوريا وفارس والعراق، وكان أوّل من بشّر في الهند.
في أحد الأيّام، وبينما كان توما الرسول يصليّ، تعرّض لهجوم من كهنة الأصنام الّذين رجموه بالحجارة وطعنوه بحربة في عنقه، ففاز بإكليل الشهادة في العام 75 للمسيح. من هنا، بات مسيحيو الهند يكنّون له احترامًا كبيرًا ويعتبرونه شفيع بلادهم، لا سيّما الهنود الّذين يتبعون الكنيسة السريانيّة والّذين يدعون أنفسهم مسيحيي مار توما مؤمنين أنّ كنائسهم تمّ تأسيسها من قبل توما الرسول.
صلواتنا اليوم مع توما الرسول، فليكن إيمانه مصدر إلهام لنا ولنهتف معًا نشيد "يا مار توما شفيعنا"، من تأليف غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو:
"يا مار توما شفيعنا، نفتخر بك دومًا. بصوابٍ نرتجيك... يا رسولًا وشهيدًا. في المصائب والشدائد... كن ملجأً وعزاءً. قدنا إلى الربّ دومًا... بمثالك وصلاتك. احرس بلَدنا والكنيسة... واطلب لنا من الربّ... السلام والأمان".