مؤتمر طلابي لاهوتي في القاهرة
"نيقية من كرازة الرسل... إلى بشارة اليوم"
تجدون مجموعة صور في آخر النصّ.
في لحظةٍ إقليمية مشبعة بالتحوّلات، وفي قلب القاهرة، اجتمع أكثر من خمسين طالبًا وطالبة من مختلف الكنائس والمعاهد اللاهوتية في الشرق الأوسط، ليشاركوا في المؤتمر الطلابي الثالث لرابطة الكليات والمعاهد اللاهوتية في الشرق الأوسط (ATIME)، تحت عنوان:
"مجمع نيقيا – إيمان الكنيسة من كرازة الرسل إلى بشارة اليوم"، وذلك من 13 إلى 18 تموز/يوليو 2025، في دار سيدة السلام – شيراتون هيليوبوليس – القاهرة.
المؤتمر الذي نظمته الأمانة التنفيذية للرابطة برئاسة الأرشمندريت يعقوب خليل، وبتنسيق مباشر من الخوري الدكتور مخائيل قنبر (الأمين التنفيذي)، وبمشاركة الأمناء المشاركين القس الدكتور بيشوي حلمي والقس الدكتور صموئيل روزفي، والأب أنطوان الأحمر رئيس الدائرة اللاهوتية في مجلس كنائس الشرق الأوسط، شكّل مساحةً فريدةً من نوعها جمعت بين البحث اللاهوتي الجاد، والخبرة المسكونية الحية، والتواصل الإنساني العابر للانتماءات الكنسية.
من نيقيا إلى اليوم: إيمان واحد بأوجه متعددة
انطلقت أعمال المؤتمر صباح الإثنين 14 تموز، بصلاة صباحية بحسب طقس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، تلاها افتتاح رسمي قدّم فيه الأرشمندريت خليل مداخلة ترحيبية مستعرضًا أهداف المؤتمر وسياقه التاريخي، وكانت كلمات لممثلي الكنائس.
وفي سلسلة محاضرات المؤتمر، قدّم الأب أنطوان الأحمر محاضرة بعنوان "السياق السياسي والفكري والكنسي لمجمع نيقيا"، وضع فيها المجمع ضمن خريطته التاريخية واللاهوتية الدقيقة، وبيّن كيف شكّل هذا المجمع حدثًا تأسيسيًّا في صياغة العقيدة المسيحية الجامعة.
وكان للأب بيشوي حلمي مداخلة بعنوان "تحديات الإيمان المسيحي بين الأمس واليوم"، واضع فيها الطلاب أمام التحدي الكبير: كيف يشهدون لإيمان آبائي في زمن متحوّل؟
أضاء الأرشمندريت يعقوب خليل على مجمع أورشليم كنموذج رائد في قيادة الكنيسة نحو الوحدة، من خلال مداخلته اللافتة: "مجمع الرسل في أورشليم كنموذج لقيادة كنسيّة".
كما أطلّ من كندا عبر تطبيق zoom البروفسور زياد قبطي ليتحدث عن "الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في الدراسات اللاهوتية وبيئة الكنيسة".
أما القس الدكتور صموئيل روزفي فقد اختار أن يختم المحاضرات بمحورية صلاة المسيح الكهنوتية في إنجيل يوحنا 17، مؤكدًا أن شهادة الكنيسة لا تنفصل عن وحدة جسدها.
زيارات ولقاءات رؤساء الكنائس: المسكونية في بعدها الرعوي
تميّز المؤتمر هذا العام بمجموعة من اللقاءات الرفيعة المستوى التي جسّدت حضور الكنائس الشريكة في المشهد الطلابي:
مساء الاثنين، زار الطلاب مقر الهيئة الإنجيلية – النزهة للقاء الدكتور القس أندريا زكي، حيث دار نقاش مفتوح حول دور الكنيسة الإنجيلية في الدفاع عن القيم الأخلاقية والمواطنة الفاعلة.
ثم كانت زيارة لقداسة البابا تواضروس الثاني في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث استمع الطلاب إلى كلمة رعوية من قداسته حول الإيمان المستقيم والشهادة اليومية في عالم متغيّر.
وفي اليوم الثاني استُقبل الطلاب من قبل غبطة البطريرك إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، الذي تحدّث عن الرجاء الكنسي في قلب الأزمات.
واختُتمت الزيارات بلقاء بزيارة كاتدرائية القديس جاورجيوس في مصر القديمة بالإضافة إلى الكنيسة المعلقة.
وقد نُشرت تغطيات موسعة لهذه الزيارات على منصّات الرابطة الرسمية (فايسبوك وإنستغرام)، ونُقلت عبر فيديوهات حيّة سجلت تفاعل الطلاب وصدق حضور الرعاة.
إلى جانب البُعد الروحي، شهد المؤتمر زيارة لمتحف الحضارات في القاهرة، وانتخابات جديدة للّجان الطلابية الإقليمية. وقد جرت هذه الانتخابات بعد التوافق على مبدأ المداورة بين العائلات الكنسية، بما يضمن عدالة التمثيل، وتعزيز ثقافة الشراكة.
نحو كنيسة تحيا بشبابها وتفكّر بمستقبلها
أكد هذا المؤتمر مرة جديدة أن الشبيبة اللاهوتية في الشرق الأوسط ليست مجرد متلقية للماضي، بل شريكة في صياغة الحاضر وصانعة للمستقبل. لقد كان اللقاء في القاهرة أشبه بورشة إيمان حيّ، لاهوتي، ثقافي، ومسكوني.