العائلة في خطر وإنقاذها بات طارئًا

في يومها العالمي، تحدّيات كبيرة تثقل كاهل الأسرة

والكنيسة ترافقها

English

خاصّ: إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

في خضمّ التطوّرات العالميّة، يعيش الشرق الأوسط في دوّامة خانقة من الأزمات والانقسامات والصراعات الّتي فرضت تغيّرات اجتماعيّة عدّة، وهذا ما يؤثّر سلبًا على حياة العائلة ونموّها في المجتمعات. في الواقع، يحلّ اليوم العالمي للأسرة هذه السنة، والّذي يصادف في 15 أيار/ مايو من كلّ سنة، حاملًا معه نسبة مرتفعة من الظلم والعنف وخطاب الكراهية...

تواجه العائلات اليوم تحدّيات كثيرة تفرض تداعيات على التربية المنزليّة والمحافظة على القيم الإنسانيّة، وهذا ما يضعها أمام مستقبل مجهول. لذا تقع العائلة في موجة من التعقيدات الّتي ترخي بظلالها على نمط حياتها وتفاعل أفرادها.

واقع خطر تشهده العائلة اليوم... حقيقة مرّة لا يمكننا التغاضي عنها! والحلّ؟ مكانك راوح.

مجلس كنائس الشرق الأوسط

على الرغم من ذلك، مبادرات عديدة تسعى اليوم إلى تعزيز التنشئة الوطنيّة والثقافيّة وكذلك التنشئة الروحيّة والإنسانيّة لدى العائلات. من جهّته، يحرص مجلس كنائس الشرق الأوسط، منذ تأسيسه، على مرافقة العائلة على صعد مختلفة نفسيّة وصحيّة واجتماعيّة وروحيّة، وذلك عبر برامج توعية متنوّعة ينفّذها على مدار السنة. لذا، تسهم جلسات التوعية على تمكين أفراد العائلة وتطوير قدراتهم بغية مساعدتهم على تخطّي مصاعب الحياة برجاء كبير.

في هذا السياق، ينظّم مجلس كنائس الشرق الأوسط عبر برنامج "الحوار، التماسك الإجتماعيّ والكرامة الإنسانيّة"، سلسلة محاضرات حول العائلة وأبرز التحدّيات الّتي تواجهها بمشاركة باحثين وأساتذة جامعات وطلّاب من مجالات عدّة.

هذا إضافةً إلى التوعية الإعلاميّة الّتي يقوم بها إعلام المجلس من خلال مختلف المواد والفيديوهات والحلقات والبرامج التلفزيونيّة الّتي ينتجها ويقدّمها عبر منصّاته الإعلاميّة ومواقع التواصل الإجتماعي الخاصّة به. وذلك بهدف الإضاءة على قضايا اجتماعيّة وإنسانيّة وعائليّة عدّة إضافةً إلى نظرة الكنيسة واستجابتها للظروف المعيشيّة الصعبة الّتي تمرّ بها المنطقة.

إجتماعيًّا ونفسيًّا

تشير المصادر إلى أنّه يمكن تقسيم تحدّيات الأسرة إلى جزئين. الجزء الأوّل يتعلّق بالعوامل الخارجيّة الّتي تدخل إلى قلب العائلة وتؤثّر على أفرادها. وهذا ما يتجلّى في الأزمات الإقتصاديّة والصحيّة والإجتماعيّة والأمنيّة الّتي تثقل كاهل المواطنين، عدا عن الوضع السياسي المتأزّم، ونسبة الهجرة المرتفعة... بحيث تشكّل كلّها عوامل قد تؤدّي إلى زعزعة حال العائلة ونشاطها.

أمّا الجزء الثاني، فيتجسّد في علاقة الزوجين وكلاهما مع الأولاد. واللّافت في الكثير من الأحيان أنّه هناك تفاوت في فهم بعض المفاهيم كالحبّ، التواصل والحوار... لذا باتت المهمّة التربويّة تُعتبر من أصعب الواجبات وأهمّ التحدّيات الأساسيّة. ناهيك عن تغيّرات اجتماعيّة جديدة تنعكس على التغيّر الأنتروبولوجي للإنسان وتسهم بعضها في تغيير مفاهيم العائلة...

في هذا الإطار، لا بدّ من التشديد على أنّ العائلة هي المكان الأهم للتربية على السّلام، حيث يتعلّم الفرد كيفيّة التعامل مع ذاته ومع الآخر بسلام وأخوّة وكذلك قبول الشخص المختلف كإنسان ومواطن وأخ، وبالتّالي تحقيق الأهداف نفسها مع سائر أفراد المجتمع والعائلات في سبيل بناء مستقبل أفضل.

روحيًّا وكنسيًّا

في الشق الروحي والكنسي، تلفت المصادر إلى أنّ التحدّي الأكبر في عصر التطوّر السريع والتكونولوجيا يكمن في الإنغلاق على النفس وانقطاع التواصل مع الربّ، وهذا ما يؤدّي إلى فقدان الإنفتاح على الآخر ورفض التواصل معه. وما ينطبق على الفرد ينطبق أيضًا على العائلة، فإعادة التواصل مع الله ضروريًّا وأساسيًّا من أجل تعزيز الروابط العائليّة والإجتماعيّة.

هذا وتشدّد المراجع الكنسيّة على أهميّة التنشئة الّتي يقدّمها الأهل لا سيّما في عيش كلمة الله من خلال تصرّفاتهما وعلاقاتهما مع الآخر والأولاد، وكذلك السعي للمحافظة على التواصل والحوار في ما بينهم. لذا، تسهم الصلاة في قلب العائلة في بثّ جوّ من الطمأنينة والهدوء الداخلي لدى الأولاد. كما أنّ دور الأهل بات مهمًّا جدًّا خصوصًا في ترسيخ القيم المسيحيّة ومعاني الصّداقة والأخوّة والعلاقة بالإنسان الآخر.

من هنا تأتي أهمية إطّلاع الكنيسة على هذه القضايا في إطار مرافقتها للعائلات ومساعدتها على مواجهة تحدّيات الحياة بإيمان عميق. لذا، تقوم الكنيسة والمؤسّسات التابعة لها ببرامج توعية ورعائيّة متنوّعة وكذلك لقاءات وأنشطة روحيّة وإرشاديّة عديدة... هذا إضافةً إلى الوثائق الّتي تصدرها والحلقات الخاصّة الّتي تقام مع الرعاة بغية المتابعة الروحيّة والإيمانيّة.

أمام كلّ ما تقدّم من وقائع ومعطيات، ما هي المسؤولية الملقاة اليوم على الإعلام المسيحي في تسليط الضوء على هذه القضايا الّتي تهدّد عائلاتنا في مختلف جوانب حياتها؟

Previous
Previous

فيديو - الالتزام

Next
Next

تِذكار القِدّيس البار باخوميوس الكبير (348م)