غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في لقاء مع الرعيّة في الأردن

Presentation1.jpg

شارك غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يوم الثلاثاء الموافق 9 آذار/ مارس 2021 بلقاء روحيّ رعويّ عبر تطبيق زوم مع سيادة رئيس أساقفة كيرياكوبوليس كيريوس خريستوفوروس وكهنة الرعية في الأردن.

وإفتتح صاحب الغبطة هذا اللقاء المُبارك بكلمة لللآباء الأجلاء:

الرسالة الرعوية لصاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث للكهنة في المملكة الأردنية الهاشمية

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي  

    جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ، وَاعْتَرَفْتَ من أجلها الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. (1 تيم 6 :12) هذا ما يوصي بهِ القديس الرسول بولس تلميذَهُ تيموثاوس والذي من خلاله يوصي بهذا لكل الرعاة الروحيين لكنائس المسيح.

أيها الأخوة والآباء المحبوبون في المسيح

     لقد ولجنا بنعمةِ رَبنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى ميدانِ التهيئة للصّوم الأربعيني الكبير المقدس والذي نبدأُ فيه مسيرتنا للوصول إلى الفصح المقدس، ويرتبط الحدث ارتباطاً وثيقاً بكتاب التريودي هذا الكتاب ُالكنسي الليتورجي المخصص لهذا الزمن حيث يحثُنا بطريقةٍ ما لسماع الترانيم والأقوال الإلهية الخلاصية للكتاب المقدس من جهةٍ ولآباء الكنيسة القديسين اللاهوتيين المعلمين المتوشحين بالله من الجهةِ الأخرى.

      إن التريودي، فيه تبدأُ فترة التهيئة للصوم الكبير بدءاً من المثل الإنجيلي المعروف “الفريسي والعشار” والأحد الذي يليه، أحد “الابن الضال”. وفي هذين المثلين يظهر لنا ربنا بوضوحٍ الفضائلَ الأساسيّة للإيمان المسيحي وهما التواضع والتوبة، إذ أنهما يُدخلان الإنسان إلى نور معرفة المسيح الحقيقية.

     وحول سؤال ما هو التواضع؟ يجيبنا، الانجيليين كتّاب العهد الجديد، مستندين على قول القديس اشعياء النبي العظيم الصوت قائلاً: مِثْلَ خروفٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ حمل بريء من العيبٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. بتَوَاضُعِهِ رُفعت حكومته (أعمال 8: 32-33) وبمعنى آخر إنه بتواضع المسيح قد ارتفع عدله كما يؤكد بولس الرسول اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ (1تيم 3: 16) 

     وبحسب البار القديس يوحنا السلمي فإن التواضع يُكتسب بطريقة سرية ويُبيد الأهواء فالتواضع نعمة للنفس لا اسم لها، إلا أنها مسماة فقط من أولئك الذين حصلوا عليها بالخبرة. التواضع غنى لا يعبر عنه، هو تسمية الألوهة، هبة الله. قال “تعلموا” لا من ملاك ولا من إنسان ولا من كتاب بل “مني”، أي من سكناي وإشراقي وفعلي فيكم “لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم” (مت 11: 29).

     وحول السؤال ما هي التوبة؟ يجيب الآباء القديسين من خلال أقوال الرب: فَأَجَابَ يَسُوعُ “الكتبة والفريسيين” وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ الْمَرْضَى.لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ». (لوقا 5: 31-32) ويفسر هذه الأقوال القديس ثيوفيلكتوس قائلاً: لم آت لأدعو أبراراً، أي أنتم الذين تبررون أنفسكم بل أتيت لأدعو الخطأة، لا لكي يلبثوا قابعين في الخطيئة بل لكي يتوبوا.

     وبحسب القديس يوحنا الذهبي الفم بأن التوبة هي الدواء لأجل خلاصنا ونحن لا نتكلم ونكرز بها بالقول فقط بل نحققها بالفعل. فالتوبة هي التي تَخرُج من القلب وتطهرهُ من دنس الخطيئة.

     ولنسمع بإمعانٍ القديس يوحنا السلمي ماذا يقول لنا عن التوبة: التوبة هي استعادة المعمودية. التوبة هي تعهد لله بحياة ثانية. التائب هو من يبتاع التواضع. التوبة قطع الرجاء بكل تعزية جسدية. التوبة هي فكر يدين ذاته، وعدم اهتمام بأي شيء آخر سوى بخلاص النفس. التوبة ابنة الرجاء ورفض لليأس. التائب هو المُدان الذي لا يلحقه خزي.

     ومما سبق ذكره يظهر أن الابن الضال قد ابتاع تواضع العشار عبر توبته وأما العشار فقد ابتاع توبة الابن الضال عبر تواضعه.

     أيها الإخوة الكهنة المحبوبون، إن اجتماعكم والتفافكم حول أسقفكم ووكيلنا البطريركي في عمان والذي من خلاله تجتمعون وتلتفون حول حقارتنا، لا يشكل مجرد اجتماعٍ بسيط بل هو اعْتِرَاف حسَن أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. (1تيم 6: 12) على وحدة كنيستنا المقدسة في المسيح وعلى أعمالكم كما يقول الكتاب:”هو أَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ “الناس” حَسَنَةً، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا. فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ.كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ. أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ (1بطرس 2: 12-17).

هذه الكلمة نُشرت على الموقع الرسمي للبطريركيّة الأورشليميّة، لقراءة المزيد اضغط هنا.

Previous
Previous

كلمة قداسة البابا تواضروس الثاني في القدّاس الإلهي عقب تقديس الميرون والغاليلاون بوادي النطرون

Next
Next

الأساقفة الكاثوليك في الأرض المقدّسة يتناولون مواضيع المدارس وعام العائلة والمبادئ التوجيهية المسكونية الرعوية