التمتّع بالجذور ١٢، عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في إجتماع الأربعاء الأسبوعيّ بحضور شباب ملتقى لوجوس الأوّل

239450158_202295738609089_6599594258882722989_n.jpg

بإسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد. آمين
تحلّ علينا نعمته ورحمته من الآن وإلى الأبد. آمين
أقرأ لأجل تعليمنا جزء من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس - تيموثاوس كان في مثل سنكم تقريبًا أو أكبر قليلاً – وبولس الرسول كتب له رسالتيْن وهذه هي الرسالة رقم ٢، وهذه الرسالة الثانية تُعتبر آخر رسالة كتبها بولس الرسول في الأربعة عشر رسالة، وسأقرأ معكم جزء من الإصحاح الثالث، والرسالة كلها أربع إصحاحات، أي أن هذا هو الإصحاح قبل الأخير في كتابات بولس الرسول، في عدد ١٠ بيقول:
"وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي، وَاضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي، مِثْلَ مَا أَصَابَنِي فِي أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَّةَ وَلِسْتِرَةَ. أَيَّةَ اضْطِهَادَاتٍ احْتَمَلْتُ! وَمِنَ الْجَمِيعِ أَنْقَذَنِي الرَّبُّ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ. وَلكِنَّ النَّاسَ الأَشْرَارَ الْمُزَوِّرِينَ سَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَرْدَأَ، مُضِلِّينَ وَمُضَلِّينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ. وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللّهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللّهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.
نعمة اللّه الآب تكون مع جميعنا. آمين

أوّلًا أرحب بكل الشباب في ملتقى لوجوس لشباب الكنيسة القبطية من كل الإيبارشيات على أرض مصر، أرحب طبعًا بحضور الآباء والأحبار الأجلاء الآباء الأساقفة والآباء الكهنة الذين معنا، واليوم نحن في اليوم الرابع للملتقى ، أي تقريبًا في المنتصف...
أريد أن أكلمك أنت أيها الشاب المبارك وأنتِ أيتها الشابة المباركة والشباب المتميز في كنيستنا وعلى أرض مصر عن إنسان اللّه...
كيف تكون إنسان اللّه؟


وأنتقل إلى فكرة الفرح في حياتنا وكيف نبني شخصياتنا في عمرنا الجميل هذا، أول أمر أريدك أن تعرفه أنهم دائمًا يقولون عن الإنسان أنه 3 H ، مرة heart قلب، ومرة head عقل أو رأس، ومرة hand يد ، وهؤلاء الثلاثة هم الذين يكونون الإنسان ، عقلك وقلبك ويدك هم الكيان الإنساني ، وأضع لك في كل واحدة منهم آية صغيرة من ٣ كلمات كمبدأ من مبادئ الحياة:


رقم ١: Heart قلبنا وهو العضو الغير مرئي لنا ولكن مرئي لله، نضع فيه الآية "مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا" ، وقالها بولس الرسول ، أحيانًا عندما تقابل شخصًا صنع معك إحسانات كثيرة فتقول له أنك مديون له ولا تستطيع رد هذه الإحسانات ، وهكذا قال بولس الرسول للسيد المسيح مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا ، فوقنا وتحتنا ويسارنا ويميننا وأمامنا وخلفنا وفي طفولتنا وفي شبابنا وشيخوختنا ، مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا ضع هذه الآية في قلبك ونحن نبني مع بعض إنسان اللّه.


رقم ٢: العقل ، العقل هو الفكر الذي يقود الحضارة ، ونضع فيه آية جميلة "لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ"، أي أن كل حياتنا التي نمارسها من يوم ليوم ومن مرحلة لمرحلة لدينا رجاء في شخص المسيح ، وكما نقولها في العامية (بكرة حيكون حلو وأحسن) ، كما سمعتم أمس دكتور بيتر يقول أنه صنع فيلم وفشل ثم صنع آخر وثالث وفشل أيضًا، لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ ولكنه لم يفقد رجاؤه، إيَّاك أن تفقد رجاءك وبالذات في سنك هذا سن الشباب الجميل ، آية "لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ" يحكمها آية مهمة جدًا كلكم تحبوها ونسميها آية رومية 8: 28 ، " كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللّهَ " وهذه الآية تُعجبني شخصيًّا لأنها تعني كل الأشياء التي في حياتنا الصغيرة والكبيرة ، الحلوة والمرة ، القريبة والبعيدة ، التي نعرفها والتي لا نعرفها، وربنا يأخذها ( ويضربها في الخلاط ) ليصنع أمرًا جميلاً وهذه هي طريقة ربنا .. مثلاً دانيال يتم أسره من بلده إلى بلد بعيدة ومعه الثلاثة فتية ويشتغلون كعبيد وأسرى ثم يعلنون عن إيمانهم فيرمونهم في الجب ، ولم يتذمر دانيال أنه بسبب إعلانه إيمانه يتم رميه في الجب ولكن يقف أمام الأسود ويقول للملك في اليوم التالي " إِلهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ " " لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ " ، إيَّاك أن تهتز لأي سبب لأن " كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللّهَ " لسبب مهم جدًا أن اللّه ضابط الكل، أي شيء في كل هذه الدنيا وكل ما تقرأونه من أخبار مضبوط في يد اللّه، وهذا هو الرأس أو العقل.


رقم ٣: اليد، اليد رمز للعمل ولها آية جميلة قالها أيضًا بولس الرسول ، وقالها بصورة جميلة " الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ "، فعندما تكلمت معك عن القلب قلت لك "مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا"، وعندما قلت لك عن العقل قلت "لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ" ، أما هنا عن اليد " الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ " ، فاِنتبهوا عند هذا التعبير أن إيمانك ليس مجرد مصطلحات فقط ولكن إيمانك لا بد أن يُترجم إلى أعمال محبة ، فإيمانك مسيحي وأرثوذكسي وتنتمي للكنيسة القبطية وهذا رائع ، وإيمانك هذا قديم وله جذور في آبائنا وكتاباتهم وسيرهم وأقوالهم وحياتهم كلها، ولكن انتبه الإيمان ليس لفظ لغوي مجرد بل حياة ، لهذا يقول لنا بولس الرسول الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ ، أي أنك إذا توقفت عند الإيمان فقط فذلك لا يكون كاملاً ، وإنما الإيمان هو العمل الذي تضعه في قلبك وتحوّله إلى أعمال لا تنتهي... هل انتبهتم للثلاثة والآيات التي وضعتها أمامكم وتتكلم عن المحبة ؟
أولهم مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا في قلبنا، والثانية كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللّهَ، والثالثة الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ، وهذه هي حياة الإنسان ...
لماذا يوجد ناس غير فرحين وليس لديهم فرح المسيح الحلو الذي نتذوقه ؟ ، أحيانًا نتذوقه وأحيانًا نعيش فيه وأحيانًا نمارسه وأحيانًا يملأ كياننا، سأقول لك عن أنواع وصفات الناس الذين لا يعرفون نوع الفرح:


أوّل نوع: البعيدون، البعيدون أصحاب القلب الغليظ، (كبّر مخك، ولا خدمة ولا كنيسة) ، ففي أحد المرات أتى الشاب الغني إلى السيد المسيح وركع وسأله سؤال في منتهى الروعة "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟" فقال له السيد المسيح احفظ الوصايا فأخبره الشاب: هذه حفظتها ، فقال له السيد المسيح: أنه يعوزك شيئًا واحدًا " اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، .....، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي "، وهنا جاء السيد المسيح على نقطة ضعف هذا الشاب الغني وكانت النتيجة أنه مضى حزينًا ، وأحيانًا كما نسميه الشاب الغني نسميه أحيانًا الشاب الحزين، وهؤلاء هم البعيدون الذين لا يفرحون..


النوع الثاني: المعاندون، الشخص المعاند ، وهذا ما حدث مع السيد المسيح " إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ " ، فإياك أن تقع في هذا الفخ ، فالمعاندون لا يستطيعون تمييز صوت السيد المسيح ، ففي أحد المرات كنت أنصح أحدهم ليصنع خير وسلام ولكنه أجابني: لا أسمع إلا صوت المسيح، فقلت له: ربما السيد المسيح استخدمني لأخبرك صوته فأطِع كلامي ولكنه رفض، المعاندون ..
النوع الثالث: المشغولون، وهؤلاء كثيرون، وهم لهم مثل في الإنجيل، عندما دعاهم السيد المسيح ليتبعوه فمنهم مَنْ قال أنه اشترى بقر ويريد أن يتفقده، والثاني قال أنه متزوجًا حديثًا ، والثالث قال أن لديه أعمال يريد مباشرتها، وبدأوا يستعفون ، فإيَّاك أن يحرمك الانشغال من فرح المسيح ، وعليك أن تستذكر وتجتهد وتتقدم وتصنع مشاريع وتحقق نجاح كبير جدًا وهذا كله يحبه المسيح، لأنه لا يحب الكسل، وفي نفس الوقت لا تنسى نصيب المسيح في حياتك... ربما لاحظتم في الأحباء الذين كانوا معنا أمس وأول أمس أن كلمة ربنا دائمًا في أفواههم ، فكنت سعيدًا جدًا أنه مع نجاحاتهم الكبيرة وسنهم الصغير إلا أن كلمة ربنا حاضر في وسطهم، المشغولون، أحدهم مشغول بالمشاريع والآخر بجمع الأموال والآخر بالدراسة وينسى ربنا، فكُن متوازنًا..


النوع الرابع: المؤجلون، الناس التي تؤجل أي شيء، فمثلاً يقولون عندما نتخرج نعرف المسيح أو عندما نشتغل سنخدمه وهكذا، انتبه من فضلك فالتأجيل لص الحياة، وأثناء صلاة نصف الليل نقول اِحمينا يا رب من خطية تُدعى تسويف العمر باطلاً، والتسويف يعني التأجيل للغد أو للسنة القادمة أو لأي سبب وهكذا يتسرب العمر منك..


النوع الخامس: الكسالى أو المتكاسلين، وهؤلاء يميلون للكسل وللتراخي ولعدم الجدية ولا يمكن الاعتماد عليه ويبرر بالنسيان مثلاً، فالكسل لا يحقق نجاح...


النوع السادس: المكتفون، وهو الشخص الذي يكتفي بما فيه، يكتفي بالعادات والممارسات دون العمق، فإيَّاك أن تعيش على السطح بل أُدخل إلى العمق وتعلّم واِجعل حياتك مثمرة ومليئة، والكسول يتقدم في العمر وحياته فارغة دون أن يقرأ أو يتعلّم ولا يضيف لحياته حاجات ولا يريد أن تكون حياته أفضل، هؤلاء هم المكتفون، والسيد المسيح يقول: " أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ " ، إذًا السيد المسيح يريد أن تكون نحو الأفضل مع مرور الوقت ودائمًا في حالة تقدم، لأن التقدم علامة نمو وحياة...


النوع السابع: المُحْبَطُون، وهذا الذي تنكسر نفسه سريعًا، ففي علب الأدوية يكون مكتوب عليها تاريخ انتهاء الصلاحية مما يعني أنه هذا الدواء بعد مرور هذا التاريخ لا يكون له فائدة أو فاعلية أو حتى ضرر وهذا كله قائم، وبعضهم تجد فاعليته وحضوره ممتد ودائمًا متجدد، فمثلاً قد يحدث أننا كشباب نقع وقعات ولكن المهم أن تقف وتكمل، فمثلاً عند الاعتراف يقول الشخص لأب اعترافه أنه وقع في نفس الخطية التي اعترف بها سابقًا ولكن الكاهن يقول له فلنحاول مرة أخرى ونأخذ تدريبات أكثر، ونجد أحيانًا السقطات المتكررة وأحيانًا الصداقات الرديئة وأحيانًا البيئة التي نعيش فيها تكون بيئة فاسدة، هؤلاء هم المحبطون، ويقول في سفر ميخا " لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ " ، كما يفعل الطفل الصغير عندما يبدأ في الوقوف ولكنه يصطدم بشيء ويقع ويبكي فيقوم الأهل بضرب الشيء الذي اصطدم به الطفل ويصدق الطفل فيصمت عن البكاء ثم يقف مرة أخرى ويكمل وهكذا، ويقولون أن هكذا تقوى عظامه... ابتعد عن كل هذه الفئات التي لا تعرف الفرح واجتهد أن تكون إنسان نشيط ونقول عنه كل يوم في التسبحة قوموا يا بني النور وهؤلاء لديهم عقل منير وقلب منير وفكر منير، وعاشوا اختبار القيامة والقيامة من النشاط ، فعِش بهذا الفكر... أعود بك عندما خلقنا ربنا وكيف كان يفكر بنا؟!


حضرتك قبل أن تُوجد على الأرض كنت فكرة في عقل ربنا، مثل الفنان الذي تكون في عقله فكرة ويقوم برسمها فتكون لوحة جميلة، أو فنان في عقله نغمة معينة ويخرج منها لحن أو ترنيمة جميلة، وهذه هي الفكرة ، وكل واحد منا كان فكرة في عقل ربنا، وربنا منشغل بك ويريد أن يوجدك، هذه فكرة والفكرة الثانية أن ربنا عندما أوجدك صنع لك خطة لأنك محبوب اللّه، وهذه الخطة لقصد وهدف ورسالة.... في أحد المرات سيدة كانت تشتم ابنها الشقي وتقول له: (يا ابني اهدأ، ده انت ربنا خلقك بعد أن استكفى)، فسألها ابنها: ماذا تعني كلمة (استكفى)؟، فاخترعت أمه فكرة وقالت: (أن ربنا أثناء خلقه للناس تبقت منه بعض الفتافيت فاستخدمها لخلقك)، وطبعًا لا وجود لهذه الفكرة ... ربنا عندما خلقنا خلقنا لرسالة وهدف وقصد يتحقق شيئًا فشيئًا ، وأجمل شيء أن تضع نفسك في يد اللّه وتصير مثل العجين ليصنع منك شكلاً كما يريد، والمهم أن تكون أمين فيما تصنع وأن تكون راضيًا، لأن دائمًا المتذمر لا يحقق أي نتيجة، وحتى كنيستنا من عظمتها من الناحية النفسية علمتنا عندما نبدأ صلواتنا نبدأها بالشكر، نشكرك يا رب على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال.. الرضا، ولا يختلط الأمر عليكم بين الرضا والاستكانة والتي تعني أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.. كانت معنا في الثانوية العامة زميلة متفوقة ولكن حصلت على مجموع ٥٨ ٪ وكانت حديث المدينة، ولكنها بمنتهى الجدية قررت إعادة السنة وقالت أنها ستحصل على عكس الرقمين أن ٨٥ ٪ وقد كان، لذلك الإصرار مهم حتى لو تعثرت قليلًا... إذًا كنت فكرة في عقل اللّه وربنا منشغل بك، كما جعل لك خطة وهدف ورسالة، والأمر الثالث الجميل أن ربنا فرح بك جدًا، لهذا عندما خلقك وخلق الإنسان قال حسن جدًا، كل الخليقة حسن good ولكن عند الإنسان قال very good حسن جدًا، يالا سعادته مَن يُمجد ربنا في حياته وفي علمه وفي عمله وفي دراسته في كل عمل صالح، إذًا كنت فكرة ولك خطة وربنا فرح بك جدًا لأنك إنسان تتمم قصد اللّه في حياتك...
الآن نحن كشباب ونريد أن تسير حياتنا في الطريق الصحيح، فإليك بعض النصائح:


أوّلًا، اِجعل عقلك يفكر جيدًا ومنقاد بروح اللّه، فاُشكر ربنا أن لدينا أب اعتراف وأمامنا كتب نقرأها وأيضًا الطبيعة تُعلمنا وتوجد مصادر عديدة، وكما قال الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان: ليكن لك شاهدًا من الكتب المقدسة على كل عمل تعمله، وكان يوصي تلاميذه الرهبان بهذه الوصية الجميلة، وتعني أنك عندما تفعل أمرًا وتحتار فيه اِسأل الإنجيل وابحث عن الشاهد الذي يساعدك ويعطيك سلامة هذه الفكرة أو هذا العمل، وذلك هام جدًا أن تكون منقاد بروح ربنا ولست متطرف يمينًا أو يسارًا..


ثانيًا، أن يكون لديك درجة الإحساس والشعور والإنسانية، فالإنسانية صارت في خطر، قبل أن آتي مباشرة قرأت أن في آخر خمسين يومًا أصبح لدينا ربع مليون بشر زيادة في مصر، يا شباب الشعور بالإنسانية مهمة جدًا، فالوصية التي تقول أكرم أباك وأمك هي وصية من القديم لكن صالحة وممتدة في مفعولها حتى آخر يوم في الحياة، الأب والأم فوق رأسي وعلموني وأنا صغير وربوني ولما يكبروا لازم تكون عيناي عليهم، ويجب أن يكون لديك روح الإنسانية وروح الوفاء وروح الإخلاص والمبادئ الإنسانية الجميلة والتعاطف الإنساني، وعلى الأقل صلي من أجل البشر الذين يعيشون في حروب وحرائق.... أحد علماء الاجتماع قال: منذ اختراع الموبايل انتهى عصر الإنسانية، وهذا شيء خطير لأننا أصبحنا نتعامل بالآلات ولكن هذه الآلات ليس لديها إحساس أو مشاعر، فاِنتبه، كيف نشعر ببعضنا البعض وكيف نود بعضنا البعض..


ثالثًا، حاول أن تفهم الحياة، من التداريب المهمة بجانب قراءاتكم الروحية أن تقرأ يوميًّا سفر الأمثال وأن تقرأه بحسب تاريخ اليوم، فمثلاً اليوم موافق 25 فتقرأ إصحاح 25، لأنه سفر يُعلم فن الحياة، فمن المهم أن نفهم ونستوعب الحياة، لأن بعضهم لديه مراكز الفهم مغلقة، والكتاب يقول لنا " تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ (وقالها في القرن الأول) بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ " وهذا مسئولية لدي أن أجدد عقلي وذهني، فلا يصح أن أكون في القرن الواحد والعشرين وعقلي قديم، ولا يصح أن آخذ رقعة من ثوب جديد وأضعها على ثوب قديم فيتهرأ الثوب، بل لا بد أن أجدد ذهني لأنه يقود حياتي، إذًا فكر جيدًا اُشعر جيدًا اِفهم جيدًا...


رابعًا، اجتهد جيدًا، فكُن دائمًا مجتهد، وليس الاجتهاد الدراسي فقط ولكن أيضًا اجتهاد المعرفة واجتهاد الفهم واجتهاد النظرة للمستقبل، وكن مجتهدًا في عملك، وكما رأيتم في الأيام الماضية الأخيرة نماذج يربط بينهم خيط رفيع وهو الاجتهاد، وليس شخص مدلل أو متسلق فوق أكتاف الآخرين وإنما شخص حقيقي، وذُكر بالأمس ضمن هذه النماذج اسم الدكتور مجدي يعقوب وهو يعرف دائمًا طريقه نحو الهدف ورغم سفره ونجاحه في الخارج ولكنه عاد لوطنه واختار نقطة في مصر وهي أسوان ليُنشئ بها المستشفى الجميل للعلاج وأيضًا تدريب الأطباء، وحينما كبر المستشفى وأصبح هناك أطباء أكفاء يستطيعون إدارته بدأ يفكر في إنشاء جزء آخر في القاهرة في مدينة ٦ أكتوبر ليستطيع خدمة أكبر عدد ممكن، وربنا يعطيه الصحة وعمره تجاوز الثمانين ومجتهد، ومنذ أيام تنيح طبيب اسمه الأستاذ الدكتور فوزي إسطفانوس وكان مؤسس أكبر قسم للتخدير في أكبر مستشفى وهي مستشفى كليفلاند في أوهايو في أمريكا، وكان مجتهدًا جدًا وتخرج في عام ١٩٦٠ من جامعة عين شمس من كلية الطب واشتغل باجتهاد وكبر بالتدريج، وعندما أسس قسم التخدير أنشأ عدة أقسام به ونقل هذه الخبرة لمستشفيات أخرى، وفي سن الستين – وهو على مدار حياته خادم – قال أنه سيحوّل كل طاقته للخدمة في التاريخ Coptic history وفي التراث القبطي، وبدأ يؤسس مؤسسة عالمية في أمريكا وأنشأ لها فرع في مصر وكان مجتهدًا لآخر وقت وله إنتاج ويقوم بتشجيع الآخرين وكان اسمه فقط أنه يفتح الأبواب، لذلك اِجتهد في حياتك ، كان ناجحًا علميًّا وكنسيًّا وخدم آلاف من الناس بصورته كطبيب وخدم آلاف من الناس باهتمامه بالتاريخ والتراث، ضع هذه النماذج الجميلة أمامك...


أخونا الحبيب وأختنا المبروكة، إنسان اللّه هو إنسان مريح، مريح في حياته وفي كلامه، ومريح حتى في أحلامه وفي أشواقه، ومريح في خدمته ويستطيع أن يخدم مع كل الناس، فهناك البعض trouble maker صانع المتاعب يتشاجر مع الناس لأنه غير مرتاح مع نفسه، ولكن إنسان اللّه مريح وبسيط ومتواضع وعينه دائمًا على السماء، بينما نحن على الأرض ونمارس مسئوليتنا ولكن عيوننا على السماء ونصيبنا في السماء …

هذه العظة نُشرت على صفحة المتحدّث الرسمي بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

خبيرة سوريّة ترمّم مخطوطات مسيحيّة قديمة في دمشق لأغراض البحث الديني

Next
Next

إنزال أيقونة السّيّدة العذراء إلى دير الجثسمانيّة