ما الذي ينقصك؟

بقلم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو

مقال بقلم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، والرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط

بين الواقع والخيال. يُظهر لنا الواقع ما نَعيشُه وما يَنقصُنا، وليس من السهولة إدراكه، اما الخيال-الأحلام، يطرح فرضيّات حول كيفية تجاوز الواقع. إذا اكتفينا بالواقع، سنبقى جامدين ومنهكين. وإذا اكتفينا بالخيال، سنُصاب بالإحباط لأنه فوق طاقتنا. الحكمة تُساعدنا على التفكير والتمييز – الرؤية- والاختيار. من الضروري ان نختار  لنا مرشداً موثوقاً.

في الحياة أزمنة مختلفة. هناك أوقاتٌ نكون فيها سعداء، ونحبّ ان نشارك فرحَنا مع الآخرين، واوقات أغنياء وأخرى فقراء، أوقات  نحن اصحاء واوقات مرضى .. الخ. المهم  ان نكتشف عمق ذاتنا في هذه الأوقات المتنوعة، وان نكتشف فيها  يد اللّه.

بعد ما حققناه في حياتنا من تقدم على الصعيد الشخصي والعائلي والاجتماعي، علينا  ان نتوقف قليلاً، ونسأل أنفسَنا بصدق: ما الذي يَنقصنا؟ هذا السؤال موجَّه الى الاكليروس ايضاً. حياتُنا لا يجب أن تستمرعلى وتيرة واحدة، دون  ان نعرف عمَّا نبحث(الهدف)، وما الذي يُحركنا وفق ظروفنا وثقافتنا.

في كثير من الأحيان، تعودُ معاناتُنا من عدم الاجابة  على هذا السؤال، لذلك تسير حياتُنا ببطء ورتابة.

إذا أردنا الوصول الى الأفضل، علينا أن نبدأ بالبحث!  قد لا نجد بسهولة ما نبحث عنه تماما، لكن أقله نكون قد عشنا حماسة البحث، وإن لم ننجح  فوراً. من لا يتساءل ويبحث لن يتحرك أبدًا. لا ينبغي ان نخاف من ان نخطأ، اذا أخطأنا نقدر ان نصحح، لكن بقاؤنا جامدين أو اتكاليين هو الخطأ الأكبر.

في الإنجيل يُعيد يسوع هذا السؤال على تلاميذه: عمّا تبحثون؟ ما الذي ينقصكم؟

دعونا نحاول أن نستعيد هذه الرحلة من خلال تتبع بعض مراحل الإنجيل، بانتباه وتركيز لكي  نكتشف في الواقع ما ينقصنا. أن اللّه يُفاجئنا دائمًا لمعرفة  ما نبحث عنه. اللّه / يسوع يُخرجنا من جمودنا، يدعونا إلى إدراك فراغنا. يُسمى هذا الغياب بالبحث عمَّا  لم نمتلكه بعد. 

يبدأ إنجيل متى بالمجوس وهم يتبعون نجمًا غير متوقع، ومرقس  بيوحنا المعمدان الذي ينتظر مسيحًا مختلفًا عن الذي سيأتي ليعتمد على يده، بينما يطرح  لوقا (18/18–23) هذا الرجاء عبر حوار يسوع مع  الغني الذي سأله: ماذا اعمل لأرث الحياة الأبدية؟ اجابه يسوع: واحدة تنقصك  اترك كل شيء واتبعني. كلماتٌ ينبغي ان نفهمها  بعمق. 

 يُدرج انجيل  يوحنا لقاءً بين يسوع وتلاميذ المعمدان (يوحنا ١: ٣٥–٤٢). وتطور المشهد في إطار لعبة النظرات والكلمات: أولًا، يُحدّق يوحنا المعمدان بيسوع  ويسوع ينظر اليه. في تلك النظرات  كلماتٌ  معبرة تخاطب وتكشف عن الذات وعن المسيرة، حتى عندما لا تكون  واضحة  بــِ 100%100…

هذا المقال نُشر على موقع البطريركيّة الكلدانيّة، لقراءة المزيد إضغط هنا.

Previous
Previous

قداسة البابا لاوُن الرابع عشر يترأّس في قرية "كن مسبَّحًا" الاحتفال بالقدّاس الإلهي الأوّل من أجل العناية بالخليقة

Next
Next

قداسة البابا تواضروس الثاني يلتقي الدارسين وأعضاء هيئة تدريس الكليّة الإكليريكيّة في الإسكندريّة