عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في عيد سيّدة الإنتقال
تجدون في التّالي عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، في عيد سيّدة الإنتقال، الجمعة 15 آب/ أغسطس 2025، في المقرّ البطريركي الصيفي في الديمان.
"ها منذ الآن تطوّبني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم" (لو 1: 48-49)
1. ها نحن ننضمّ إلى الأجيال التي تطوّب مريم العذراء لعظائم الله فيها. هذه العظائم أصبحت عقائد إيمانيّة. وقد توجّتها عقيدة انتقال العذراء مريم للمجد الأسمى بنفسها وجسدها إلى السماء. فيسعدني أن أرحبّ بكم جميعًا للإحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، تكريمًا لسيّدة الإنتقال، التي لا تزال تحيط وطننا وشعبنا بحمايتها، وترافق مسيرتنا بالنعمة.
2. فلنتأمّل في هذه العظائم، ونتوقّف عند خمس منها.
أولى العظائم، عصمة مريم من الخطيئة الأصلية، الموروثة من أبوينا الأوّلين، فمنذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشى أمها القديسة حنة زوجة البار يواكيم، تدخل الله وعصمها من هذه الخطيئة، لتكون في تصميمه الإلهي أماً نقيّة ممتلئة نعمة للمسيح فادي الإنسان ومخلص العالم. هذه العقيدة الإيمانية أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854.
ثاني العظائم، بتولية مريم الدائمة. فقد أصبحت أماً للكلمة المتجسد بقوة الروح القدس، من دون زرع بشري فكانت عذراء قبل الميلاد وفيه وبعده، وتمّت نبوءة اشعيا: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً اسمه عمانوئيل" (متى 1:23).
ثالث العظائم، امومتها لابن الله المتجسّد. وهذه عقيدة ايمانية اعلنها مجمع أفسس سنة 431: بقوله إن مريم هي والدة الإله في الزمن.
رابع العظائم، شريكة الفداء. فبايمانها الصامد وصلت مع ابنها الفادي الإلهي حتى الصليب، متألمة معه بصبر وصمت، لكي يتحقق كل تدبير الله الخلاصي (الدستور العقائدي في الكنيسة، 58).
خامس العظائم: أمومة مريم للكنيسة أعلنها القدّيس البابا بولس السادس أثناء المجمع الفاتيكاني الثاني.
تتويج هذه العظائم، انتقال العذراء بنفسها وجسدها إلى مجد السماء. هي عقيدة ايمانية أعلنها المكرّم البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني 1954، بهذه الكلمات: "تتويجاً رفيعاً لانعاماتها، شاء الله ان ينقلها بنفسها وجسدها إلى مجد السماء الأسمى، حيث تتلألأ ملكة عن يمين ابنها الملك الذي لا يموت إلى دهر الدهور" (براءة اعلان العقيدة: الدستور الرسولي: "الله العجيب جدًا").
3. عيد الإنتقال المشرق بنور المجد، يُدخلنا في قلب ليتورجيا السماء. في انتقال مريم، نحتفل في انتصار القيامة في جسد بشريّ حقيقيّ. لا نتحدّث عن روح فقط، بل عن جسد مجّدد دخل ملكوت الله، عربونًا لما نرجوه نحن أيضًا. ليتورجيا اليوم تربط الأرض بالسماء، التاريخ بالأبديّة، الزمن بالرجاء…
هذه العظة نُشرت على صفحة البطريركيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة على موقع فيسبوك، لقراءة المزيد إضغط هنا.