قداسة البابا لاون الرابع عشر: العناية بالخليقة قضيّة إيمان وإنسانيّة

العدالة البيئيّة مسألة طارئة في ظلّ كلّ المخاطر الّتي تهدّد الخليقة!

English

الصورة: Vatican Media

إعلام مجلس كنائس الشرق الأوسط

برجاء ممزوج بفرح الصلاة والعمل معًا، وبإيمان راسخ بالمحبّة والتضامن، تحتفل العائلة المسكونيّة في الشرق الأوسط والعالم بأبهى المواسم المسكونيّة السنويّة الّتي تتجلّى بـ "موسم الخليقة" الّذي يدعو كلّ إنسان على هذه الأرض إلى تجديد علاقته مع اللّه وجميع مخلوقاته.

يحلّ "موسم الخليقة" هذه السنة تزامنًا مع مناسبتين مهمّتين تترسّخان في الذكرى الـ1700 على انعقاد المجمع المسكوني الأوّل في نيقية، وذكرى عشر سنوات على صدور الرسالة العامة "كُن مُسبَّحًا" الّتي أطلقها قداسة البابا فرنسيس الراحل حول حماية البيت المشترك.

بدوره، يتابع قداسة البابا لاون الرابع عشر القضيّة البيئيّة من منطلق الإيمان المسيحي وأسس اللّاهوت البيئي، حيث أصدر، كما كانت تجري العادة سنويًّا، رسالته لمناسبة اليوم العالمي العاشر للصلاة من أجل العناية بالخليقة الّذي يصادف في الأوّل من أيلول/ سبتمبر من كلّ سنة.

 

بذور سلام ورجاء

"نحن في المسيح بذور. ولكننا لسنا فقط بذورًا، بل "بذور سلام ورجاء". هذا ما شدّد عليه قداسته في رسالته الّتي حملت عنوان  "بذور سلام ورجاء"، مركّزًا على العدالة والحقّ "اللّذان يداويان قساوة الصحراء وقلّة الترحيب فيها".

الحبر الأعظم يعرب عن قلقه الشديد إزاء مع تتعرّض له الأرض من أزمات وتحدّيات تسهم في انزلاقها نحو الخراب. في هذا السياق، يشير قداسته إلى أنّ "الظلم، والانتهاك المستمرّ للقوانين الدوليّة ولحقوق الشعوب، والتفاوتات الصارخة، والجشع الّذي يتفجّر منها، جميع هذه الأمور تؤدّي إلى إزالة الغابات، وتلوّث البيئة، وفقدان التنوّع البيولوجي... هناك نقصًا في الوعي بأنّ تدمير الطبيعة لا يطال الجميع بالتساوي: فالدوس على العدالة والسلام يصيب الأكثر فقرًا وتهميشًا واستبعادًا من بيننا".

من هنا، يظهر مفهوم العدالة البيئيّة الّتي تحدّث عنها قداسته لافتًا إلى أنّ هذه العدالة "لم تعد فكرة نظريّة أو هدفًا بعيد المنال، بل باتت حاجة مُلحّة، تتجاوز مجرّد الحفاظ على البيئة، إنّها في الواقع مسألة عدالة اجتماعيّة واقتصاديّة وأنثروبولوجيّة".

لاهوتيًّا، يشير قداسته إلى أنّ العدالة البيئيّة هي ضرورة لاهوتيّة، "تتجسّد في وجه يسوع المسيح الّذي به خُلق كلّ شيء وفيه نال الخلاص. ففي عالمٍ يدفع فيه الأشدّ ضعفًا الثمن الأعلى لتداعيات تغيّر المناخ، وإزالة الغابات، والتلوّث، تغدو العناية بالخليقة قضيّة إيمان وإنسانيّة".

 

صلاة من أجل الإنسان والخليقة

وانطلاقًا من القضيّة البيئيّة الطارئة والآنية، صدرت رسالة الفيديو لقداسة البابا لاوُن الرابع عشر حول نيّته للصلاة لشهر أيلول/ سبتمبر الّتي يتم بثّها شهريًّا من خلال شبكة الصلاة العالميّة للبابا، حيث دعا قداسة البابا فيها هذا الشهر للصلاة من أجل علاقة الإنسان بالخليقة.

في الرسالة، يرفع الحبر الأعظم صلواته طالبًا من الربّ أن يساعد الإنسان على اكتشاف حضوره في كلّ الخليقة، لكي يشعر ويعي ويدرك أنّه مسؤول عن هذا البيت المشترك الّذي يدعو فيه إلى حفظ واحترام وحماية الحياة.

وقال قداسة البابا لاوُن الرابع عشر": "يا ربّ، أنت تحبّ كلّ ما خلقته، ولا وجود لشيء خارج سرّ حنانك. كلّ خليقة، مهما كانت صغيرة، هي ثمرة محبّتك ولها مكان في هذا العالم. حتّى أبسط حياة أو أقصرها هي محاطة بعنايتك. وعلى مثال القدّيس فرنسيس الأسيزي، نريد نحن أيضًا أن نقول اليوم: كُن مُسبَّحًا، يا ربّي!".

 

وتجدر الإشارة إلى أنّ الحبر الأعظم كان قد ترأّس قدّاسًا إلهيًّا من أجل العناية بالخليقة، وذلك يوم الأربعاء 9 تمّوز/ يوليو 2025، في كاستيل غاندولفو وبالتّحديد في قرية "كن مسبَّحا" الّتي تأسّست بمبادرة من قداسة البابا فرنسيس الراحل كفسحة للتكوين والتحسيس على حماية بيتنا المشترك.

هذا البيت المشترك الّذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى العناية والحماية والاحترام!

Previous
Previous

مجلس كنائس الشرق الأوسط يهنّئ حضرة القسّ إبراهيم نصير لانتخابه رئيسًا للسينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان

Next
Next

السلام مع الخليقة: ضرورة ملحّة وواجب إنساني